الدين محمد ابن النجار الفتوحي وألف كتابه:(منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح وزيادات)، وصار هذان الكتابان عمدةً عند المتأخرين، ومفزعاً للفقهاء المفتين، ومنبعاً للعلماء المؤلفين، فأَوْلَاهما الفقهاء الذين لحقوهم عنايةً فائقة، بالشرح والتحشية، والحفظ والإقراء، والشغل والإشغال.
ومع تطاول الأيام، وضعف الهمم عن دراسة المتون العظام، اختُصرت هذه المتون؛ ليتمكن طالب فقه الحنابلة من اعتلائها لبلوغ ما فوقها، فكان من أشهر تلك المختصرات مختصران:(زاد المستقنع) للحجاوي، وقد اختصر فيه كتاب (المقنع) لابن قدامة، والآخر (دليل الطالب) لمرعي الكرمي، وقد استقاه من كتاب (منتهى الإرادات)، وشرح الأول منهما البهوتي في كتابه (الروض المربع)، وشرح الثاني ابن ضويان في كتابه (منار السبيل)، فصار هذان المتنان وشرحاهما محط اهتمام المتفقهين، وعناية المدرسين إلى يومنا هذا.
وكان من جملة المتون التي بُنيت على المتون المعتمدة السالفة الذكر: كتاب (كافي المبتدي من الطلاب) للإمام العلامة المتقن محمد ابن بلبان، فبناه على قول واحد هو المعتمد عند الأصحاب، ثم اجتهد في اختصاره (لِيَقْرُبَ تَنَاوُلُهُ) أي: دراسته (عَلَى المُبْتَدِئِينَ) من صغار الطلاب, (وَيَسْهُلَ حِفْظُهُ عَلَى الرَّاغِبِينَ) بحفظ متن من متون الأصحاب, ..........