للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُقدَّم ما نواه على عموم لفظه؛ لأنه نوى بلفظه ما يحتمله ويسوغ لغة التعبير به عنه، فانصرفت يمينه إليه، والعام قد يراد به الخاص؛ كقوله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم} [آل عمران: ١٧٣] فالناس الأول: أريد به نعيم بن مسعود الأشجعي، والناس الثاني: أبو سفيان وأصحابه، وكقوله: {تدمر كل شيء بأمر ربها} [الأحقاف: ٢٥]، ولم تدمر السماء ولا الأرض ولا مساكنهم، فحيث احتمله اللفظ، وجب صرف اليمين إليه بالنية.

القسم الثاني: أن يحتمل لفظه نيته احتمالًا بعيدًا: لم تقبل دعوى إرادته حكمًا، ويدين؛ لمخالفته للظاهر.

القسم الثالث: ألا يحتمله اللفظ أصلًا؛ كما لو حلف لا يأكل خبزًا، وقال: أردت لا أدخل بيتًا؛ لم تنصرف اليمين إلى المنوي؛ لأنها نية مجردة لا يحتملها لفظه، أشبه ما لو نواه بغير يمين.

المرتبة الثانية: إن عُدمت النية: رُجِع فيها إلى سبب اليمين وما هيجها؛ لدلالتها على النية؛ فمن حلف ليقضين زيدًا حقه غدًا، فقضاه قبله؛ لم يحنث، إذا قَصَد عدم تجاوز الغد، ومن حلف لا يشرب لفلان الماء، - والسبب الدافع لذلك: قطع مِنَّتِه -: حنث بأكل خبزه، واستعارة دابته، وكل ما فيه منة.

المرتبة الثالثة: إن عُدم سبب اليمين وما هيجها: رُجِع إلى التعيين، وهو الإشارة؛ لأنه أبلغ من دلالة الاسم على مسماه، لنفيه الإبهام بالكلية، فمن

<<  <  ج: ص:  >  >>