للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض أهل العلم (١): النذر لا يخلو من حالين:

الحالة الأولى: نذر مطلق؛ كقوله: لله عليه أن أصوم يومًا، وهو الذي ورد الثناء على فاعله في قوله تعالى: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ) [البقرة: ٢٧٠]، وقوله تعالى: {يوفون بالنذر} [الإنسان: ٧]، قال قتادة في تفسير الآية: «كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والزكاة، والحجّ والعمرة، وما افترض عليهم، فسماهم الله بذلك: الأبرار» [الطبري ٢٤/ ٩٥]، ولأن النذر وسيلة إلى التزام القربة، والوسيلة إلى الطاعة طاعة، وفائدته: أن يثاب عليه ثواب الواجب، وهو فوق ثواب التطوع.

الحالة الثانية: نذر مقيد؛ كقوله: إن شُفِي مريضي فلله علي أن أصوم يومًا، وهو على قسمين:

الأول: إن اعتقد أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض، أو أن الله يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر: فهو محرم؛ لما فيه من الاعتقاد الباطل، وإليه الإشارة بقوله في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَرِّبُ مِنِ ابْنِ آدَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنِ اللهُ قَدَّرَهُ لَهُ، وَلَكِنِ النَّذْرُ يُوَافِقُ الْقَدَرَ، فَيُخْرَجُ بِذَلِكَ مِنَ الْبَخِيلِ، مَا لَمْ يَكُنِ الْبَخِيلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ»


(١) ذكره ابن حجر من مجموع كلام القرطبي وابن دقيق العيد وغيرهما، واستحسنه، وقال: (وكأن البخاري رمز في الترجمة إلى الجمع بين الآية والحديث بذلك) فتح الباري ١١/ ٥٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>