ب) إن كان الوجوب بالنذر: فيصح الصوم عنه، واختاره ابن القيم؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها؟ قال:«أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكِ عَنْهَا؟ » قالت: نعم، قال:«فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ»[البخاري: ١٩٥٣، ومسلم: ١١٤٨]، ولما تقدم من آثار الصحابة، ولأن النذر التزام في الذمة بمنزلة الدَّين، فيقبل قضاء الولي له كما يقضي دينه.
وعنه، واختاره ابن عثيمين: يصح قضاء الصيام عن الميت مطلقاً، سواء كان واجباً بأصل الشرع أو واجباً بالنذر؛ لأن الصيام أقرب إلى المماثلة من الإطعام، ولعموم حديث عائشة رضي الله عنها:«مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»، وقوله:«صِيَامٌ» نكرة غير مقيدة بصوم معين، وحَمْلُ الحديث على النذر حمل له على ما هو نادر، والأدلة إنما تحمل على الغالب، ولا يخصص حديث ابن عباس، وهو قولها:«وعليها صوم نذر»؛ لأنه ذكر لبعض أفراد العام، وذكر بعض أفراد العام بحكم يوافق حكم العام لا يقتضي التخصيص.
٣ - الاعتكاف: ولا يكون واجباً إلا بالنذر، فيصح قضاؤه عن الميت؛ لعموم حديث ابن عباسٍ السابق في قصة سعد بن عبادة رضي الله عنه، ولما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة نذرت أن تعتكف عشرة أيام، فماتت فلم تعتكف، فقال ابن عباس لابنها:«اعْتَكِفْ عَنْ أُمِّكَ»[ابن أبي شيبة: ١٢٥٦٠].