للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الأول: أن يعقدها الإمام أو نائبه؛ لأن ذلك يتعلق بنظر الإمام وما يراه من المصلحة، ولأنه عقد مؤبد، فلا يجوز أن يفتات به على الإمام.

الشرط الثاني: أن يكون عقدها مع من (لَهُ كِتَابٌ)، وهم اليهود والنصارى على اختلاف طوائفهم، ومن تبعهم فتدَيَّن بأحد الدِّينَيْن كالسَامِرَة: وهم قبيلة من بني إسرائيل نسب إليهم السامري، والفرنج: وهم الروم، إجماعاً؛ لعموم قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، ولقول المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: «أَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا الله وَحْدَهُ، أَوْ تُؤَدُّوا الجِزْيَةَ» [البخاري ٣١٥٩]، (أَوْ) له (شُبْهَتُهُ) أي: شبهة كتاب، كالمجوس؛ لأَنَّ «عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ شَهِد أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرٍ» [البخاري ٣١٥٦]، ولأنه يروى أنه كان لهم كتاب فرفع، فصار لهم بذلك شبهة.

وأما من عداهم فلا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتل؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله» [البخاري ٢٥، ومسلم ٢٢]، وخص منه أهل الكتاب ومن ألحق بهم؛ لما تقدم، وبقي من عداهم على الأصل.

واختار شيخ الإسلام: أنها تعقد مع جميع الكفار؛ لحديث أنس رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةَ، فَأُخِذَ، فَأَتَوْهُ بِهِ، فَحَقَنَ لَهُ دَمَهُ، وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ» [أبو داود ٣٠٣٧، وحسنه الألباني]، وأُكَيدر كان

<<  <  ج: ص:  >  >>