٣ - إن أسلم حالًّا؛ لحديث ابن عباس السابق، فأمر بالأجل كما أمر بالكيل والوزن، ولما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما:«أَنَّهُ كَرِهَ إِلَى الأَنْدَرِ - وهو البيدر بِلُغة أهل الشام -، وَالعَصِيرِ، وَالعَطَاءِ أَنْ يُسَلَّفَ إِلَيْهِ، وَلَكِنْ يُسَمِّي شَهْراً»[عبد الرزاق ١٤٠٦٦، وفيه ضعف]، ولأن الحلول يخرجه عن اسمه وهو السلم لتعجل أحد العوضين وتأخر الثاني، ويخرجه عن معناه؛ لأنه إنما شرع للحاجة الداعية إليه، ومع حضور الأجل لا حاجة للسلم.
وعنه واختاره شيخ الإسلام: يصح السلم حالًّا إن كان المسلم فيه موجودًا في ملكه وإلا فلا، لأن عقد السلم الحال عقد من عقود المعاوضات، وعقود المعاوضات ليس من شرط صحتها التأجيل؛ كالبيع، وأما الحديث والأثر فلا دلالة فيه على اشتراط الأجل، وإنما دل على اشتراط العلم بالأجل إذا كان مؤجلاً، وأما كونه يخرجه عن اسمه ومعناه، فالعبرة بالعقود بحقائقها ومقاصدها، لا بألفاظها، وعلى هذا فيكون بيعاً.
(وَ) الشرط الخامس: (أَنْ يُوجَدَ) المسلَم فيه (غَالِباً فِي مَحِلِّهِ) أي: وقت حلوله، باتفاق الأئمة، سواء كان موجوداً حال العقد أو معدوماً؛ لوجوب تسليمه إذًا؛ كما في حديث ابن عباس السابق: قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة والناس يسلفون في الثمر العامَ والعامين، فقال:«مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَلْيُسْلِفْ ... » الحديث، فلم ينه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن السلف في التمر أو الثمر السنة والسنتين، مع أنه ينقطع.