الأرض بركاتها وتعود كما كانت، حتى إن العصابة من الناس ليأكلون الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويكون العنقود من العنب وقر بعير، ولبن اللقحة الواحدة يكفى الفئام من الناس، وهذا لأن الأرض لما طهرت من المعاصي ظهرت فيها آثار البركة من اللَّه تعالى التي محقتها الذنوب والكفر. . . والمقصود أن الذنوب إنما ترتب عليها العقوبات الشرعية والقدرية، أو يجمعها اللَّه لعبد، وقد يرفعها عمن تاب وأحسن. . . وعقوبات الذنوب نوعان: شرعية وقدرية، فإذا أقيمت الشرعية رَفَعت العقوبات القدرية أو خففتها. . . وإذا عطلت العقوبات الشرعية استحالت قدرية، وربما كانت أشد من الشرعية، وربما كانت دونها، ولكنها تعم والشرعية تخص؛ فإن الرب تبارك وتعالى لا يعاقب شرعا إلا من باشر الجناية، أو تسبب إليها، وأما العقوبة القدرية فإنها تقع عامة وخاصة" (١).
وقد ذكر ابن القيم بعض ورد في هذا المعنى فقال: "ذكر عن مالك بن دينار قال: قرأت في الحكمة يقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: أنا اللَّه مالك الملوك، قلوب الملوك بيدي؛ فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك، ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم، وفي مراسيل الحسن: إذا أراد اللَّه بقوم خيرا جعل أمرهم إلى حلمائهم، وفيأهم عند سمحائهم، وإذا أراد بقوم شرا جعل أمرهم إلى سفهائهم، وفيئهم عند بخلائهم، وذكر الإمام أحمد وغيره عن قتادة قال يونس: يا رب أنت في السماء ونحن في الأرض، فما علامة غضبك من