وأبي جعفر المنصور وولديه الملقبين بالمهدي والهادي والرشيد وأمثالهم، من الذين تولوا الحلافة وأمر المؤمنين، فمن نسب واحدا من هؤلاء إلى الردة، وإلى أنه مات على دين النصارى، لعلم كل عاقل أنه من أعظم الناس فرية، فكيف يقال مثل هذا في معاوية وأمثاله من الصحابة، بل يزيد ابنه مع ما أحدث من الإحداث، من قال فيه: إنه كافر مرتد، فقد افترى عليه، بل كان ملكا من ملوك المسلمين، كسائر ملوك المسلمين، وأكثر الملوك لهم حسنات، ولهم سيئات، وحسناتهم عظيمة، وسيئاتهم عظيمة، فالطاعن في واحد منهم دون نظرائه إما جاهل وإما ظالم، وهؤلاء لهم ما لسائر المسلمين، منهم من تكون حسناته أكثر من سيئاته، ومنهم من قد تاب من سيئاته، ومنهم من كفَّر اللَّه عنه، ومنهم من قد يدخله الجنة، ومنهم من قد يعاقبه لسيئاته، ومنهم من قد يتقبل اللَّه فيه شفاعة نبي أو غيره من الشفعاء، فالشهادة لواحد من هؤلاء بالنار هو من أقوال أهل البدع والضلال، وكذلك قصد لعنة أحد منهم بعينه، ليس هو من أعمال الصالحين والأبرار" (١)، بل "في الجملة الملوك حسناتهم كبار، وسيئاتهم كبار، والواحد من هؤلاء وإن كان له ذنوب ومعاص لا تكون لآحاد المؤمنين، فلهم من الحسنات ما ليس لآحاد المسلمين: من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود، وجهاد العدو،