للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإيصال كثير من الحقوق إلى مستحقيها، ومنع كثير من الظلم وإقامة كثير من العدل" (١).

والذي يظهر لي واللَّه أعلم بالصواب، أن الحجاج كان عنده خلل فكري وعقدي، وافق طبعه الحادّ، فنتج عنه تلك العظائم في استباحة الدماء، وهو ما أشار إليه شيخ الإسلام من الخلل في مفهوم الطاعة لخليفة المسلمين في العهد الأموي، من بعض أنصارهم وشيعتهم، حيث قال: "كثير من أتباع بني أمية، أو أكثرهم، كانوا يعتقدون أن الإمام لا حساب عليه، ولا عذاب، وأن اللَّه لا يؤاخذهم على ما يطيعون فيه الإمام، بل تجب عليهم طاعة الإمام في كل شيء، واللَّه أمرهم بذلك" (٢)، ولهذا كان لا يتورع عن أي عقوبة لمن رأى منه ما يعكر صفو هذه الطاعة المطلقة، أو يقلل من قدرها وأهميتها، وهذا واضح في قصته مع أبيه حين قام ليسلم على قاضي مصر التجيي، وكان من كبار التابعين، وكان ممن شهد خطبة عمر بن الخطاب بالجابية، وكان من الزهادة والعبادة على جانب عظيم، وكان يختم القرآن في كل ليلة ثلاث ختمات في الصلاة، وغيره فقال له: "يا أبة أتقوم إلى رجل من تجيب وأنت ثقفي؟ ! فقال له: يا بني واللَّه إني لأحسب أن الناس يرحمون بهذا وأمثاله، فقال: واللَّه ما على أمير المؤمنين أضر من هذا وأمثاله، فقال: ولم يا بني؟ ! قال: لأن هذا وأمثاله يجتمع الناس إليهم، فيحدثونهم عن سيرة أبي بكر وعمر، فيحقر الناس سيرة أمير


(١) منهاج السنة (١/ ١١٣).
(٢) منهاج السنة (٦/ ٤٣٠)، وانظر (٣/ ٤٨٧) (٦/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>