للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال أحدُهُم: اللَّهُمَّ إنَّه كان لي والِدانِ شيْخانِ كبيرانِ، ولي صِبْيَةٌ صِغارٌ كنتُ أرْعَى [عليهم]، فإذا رُحْتُ عليهم فَحلَبْتُ بَدأْتُ بِوالِدَيَّ أسْقِيهما قبل وَلدي، وإنَّه نَأى بِيَ الشجرُ، فما أتَيْتُ حتى أمْسَيْتُ، فوجَدتُهما قدْ ناما، فحَلبْتُ كما كنتُ أَحْلِبُ، فجئتُ بالحلاب، فقُمْتُ عند رؤوسِهما، أكرَهُ أنْ أوقِظَهُما مِنْ نوْمِهِما، وأكْرَهُ أنْ أَبدأَ بالصبْيَةِ قَبْلَهُما، والصبْيَة يتَضَاغونَ (١) عند قَدمَيَّ، فَلَمْ يزَلْ ذلك دَأْبي ودَأْبُهم حتى طَلَع الفَجْرُ. فإن كنتَ تعلمُ أنِّي فعلتُ ذلك ابْتِغاءَ وجْهِكَ، فافرُجِ لنا فُرْجةً نرى مِنْها السماءَ. ففرَّجَ الله عزَّ وجلَّ لهم حتى يرونَ (٢) منها السماءَ" وذكر الحديث.

٢٤٩٨ - (٢١) [حسن صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"خرَجَ ثلاثةٌ فيمَنْ كانَ قبْلَكُم يرتادون لأهْليهِمْ، فأصابَتْهُم السماءُ، فلَجأوا إلى جبلٍ، فوقَعَتْ عليهِمْ صخْرَةٌ. فقال بعضُهُم لِبَعْضٍ: عفَا الأَثَرُ، ووقَعَ الحَجَرُ، ولا يعلَمُ بِمكانِكُم إلا الله؛ فادْعوا الله بأوْثَقِ أعْمالِكمَ.

فقال أحدُهُم: اللَّهُمَّ إنْ كنتَ تعلَمُ أنَّه كانَتْ لي امْرأَةٌ تُعْجِبُني، فطلَبتُها فأبَتْ عليَّ، فجعَلْتُ لها جُعْلاً، فلمَّا قَرَّبَتْ نَفْسَها؛ تَرَكتُها. فإنْ كنْتَ تعلَمُ أنِّي إنَّما فَعلْتُ ذلك رجاءَ رَحْمَتِكَ، وخَشْيةَ عَذابِكَ فافرُجْ عنَّا، فزالَ ثُلُث الحَجَرِ.

وقال الآخَرُ: اللهُمَّ إنْ كنتَ تعلَمُ أنَّه كان لي والدان، وكنتُ أحْلِبُ لهما في إنائهما، فإذا أَتَيْتُهما وهما نائمانِ قُمْتُ حتَّى يَسْتَيْقِظا، فإذا اسْتَيْقَظا شَرِبا،


(١) بالضاد المعجمة وبالغين المعجمة، أي: يصيحون، من ضغى إذا صاح، وكل صوت ذليل مقهور يسمى ضغواً. وقال الداودي: " (يتضاغون) أي: يبكون ويتوجعون".
(٢) هكذا في هذه الرواية، وفي الرواية الأخرى التي أشرت إليها آنفاً (رأوا)، وعليها المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>