"ألا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ وعَمُودِه وذِرْوَةِ سَنامِهِ؟ ".
قلْتُ: بَلى يا رسولَ الله! قال:
"رأسُ الأمْرِ الإسْلامُ، وعَمودُهُ الصلاةُ، وذِرْوَةُ سَنامِهِ الجِهَادُ". ثمَّ قالَ:
"ألا أُخْبِرُكَ بِمَلاكِ ذلكَ كُلِّه؟ ".
قلتُ: بَلى يا رسولَ الله! قال:
"كُفَّ عليكَ هذا". وأشارَ إلى لسانِهِ.
قلتُ: يا نَبِيَّ الله! وإنَّا لمُؤاخَذُونَ بِما نَتَكلَّمُ بِهِ؟ قال:
"ثَكِلَتْكَ (١) أُمُّكَ، وهل يَكُبُّ الناسَ في النارِ على وجُوهِهِمْ -أو قالَ: على مَناخِرِهمْ- إلا حَصائِدُ ألْسِنَتِهِمْ؟ ".
رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه؛ كلهم من رواية أبي وائل عن معاذ. وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح". [مضى طرف منه ٨ - الصدقات/ ٩].
(قال الحافظ): "وأبو وائل أدرك معاذاً بالسن، وفي سماعه منه عندي نظر، وكان أبو وائل بالكوفة، ومعاذ بالشام. والله أعلم. قال الدارقطني:
"هذا الحديث معروف من رواية شهر بن حوشب عن معاذ، وهو أشبه بالصواب على اختلاف علمه فيه".
كذا قال! وشهر -مع ما قيل فيه- لم يسمع معاذاً.
ورواه البيهقي وغيره عن ميمون بن أبي شيبة عن معاذ. وميمون هذا كوفي ثقة ما أراه
(١) بفتح الثاء المثلثة وكسر الكاف؛ أي: فقدتك. و (الثكل): فقد الولد، دعا عليه بالموت، والموت يعم كل أحد، فإذن الدعاء عليه كلا دعاء، وهو في الحقيقة لا يقصد به الدعاء، بل من الألفاظ التي تجري على ألسنة العرب، ولا يراد بها الدعاء، كقولهم: "ترِبت يداك"، و"قاتلك الله".