وقال مالك: يقتل ما وجد منها في المساجد. واستدل هؤلاء بقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"إنَّ لهذه البُيوتِ عوامِرَ، فإذا رأيْتُم منها شَيْئاً فحرِّجوا عليها ثلاثاً فإنْ ذَهَب وإلا فَاقْتُلوهُ".
واختار بعضهم أن يقول لها ما ورد في حديث أبي ليلى المتقدم (١).
وقال مالك: يكفيه أن يقول: أُحرج عليك بالله واليوم الآخر أن لا تبدو لنا ولا تؤذينا.
وقال غيره: يقول لها أنت في حرج إن عدت إلينا فلا تلومينا أن نضيق عليك بالطرد والتتبع.
وقالت طائفة: لا تنذر إلا حيات المدينة فقط؛ لما جاء في حديث أبي سعيد المتقدم من إسلام طائفة من الجن بالمدينة، وأما حيات غير المدينة في جميع الأرض والبيوت فتقتل من غير إنذار، لأنا لا نتحقق وجود مسلمين من الجن ثَمَّ، ولقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"خَمسٌ مِنَ الفَواسِقِ تُقْتَلُ في الحِلِّ والحَرمِ". وذكر منهن الحية.
وقالت طائفة: يقتل الأبتر وذو الطفيتين من غير إنذار، سواء كن بالمدينة وغيرها لحديث أبي لبابة: سمعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"نَهى عنْ قتْلِ الجِنَّانِ التي تكون في البُيوتِ، إلا الأَبْتَر وذَا الطُّفْيَتَيْنِ".
ولكل من هذه الأقوال وجه قوي، ودليل ظاهر. والله أعلم".
٢٩٨٩ - (١٢) [صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"إنَّ نَملةً قرصَتْ نبيّاً مِنَ الأَنْبِياءِ، فأَمر بقَرْيةِ النَّمْلِ فأُحْرِقَتْ، فأَوْحَى الله إليه [أ] في أنْ قَرَصَتْكَ نَمْلةٌ أحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأمَمِ تُسَبِّحُ؟! ".
(زاد في رواية:)
"فَهَلا نَملَةً واحِدَةً؟ ".
رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
(١) قلت: هو في "الضعيف"، فراجعه في هذا الباب، فيكتفى بالتخريج المذكور في الحديث الصحيح رقم (١٠ - هنا).