أثرَ السجودِ، فيخرجون من النارِ] وقد امتُحِشوا، فيُصَبُّ عليهم مَاءُ الحَياةِ، فيَنْبِتونَ كما تنبُتُ الحِبَّةُ في حَميلِ السَّيْلِ.
ثم يَفرغ الله مِنَ القَضاءِ بينَ العِبَادِ، وَيبْقَى رجلٌ بينَ الجَنَّةِ والنَّارِ، -وهو آخِرُ أهْلِ النارِ دخولاً الجَنّة- مُقْبِلٌ بوَجْهِه قِبَلَ النارِ، فيقولُ: يا ربِّ! اصْرِفْ وَجْهي عنِ النارِ فقَدْ قَشَبني ريحُها، وأحْرَقني ذَكاها (١). فيقولُ: هَلْ عَسَيْتَ إنْ فعِلَ ذلك بك أنْ تَسْأَلَ غير ذلك؟ فيقولُ: لا وعِزَّتِكَ. فيُعطي الله ما يشاءُ مِنْ عهدٍ وميثاقٍ، فيصرِفُ الله وجهَهُ عنِ النارِ. فإذا أقْبلَ به على الجنَّةِ رأى بَهْجَتها، سكتَ ما شاءَ الله أنْ يَسْكُتَ، ثمَّ قالَ: يا ربِّ! قدِّمْني عند باب الجنَّة! فيقولُ الله: أليسَ قد أعْطَيْتَ العهدَ والميثاقَ أنْ لا تسأَلَ غيرَ الذي كنتَ سأَلْتَ؟ فيقولُ: يا ربِّ! لا أكونُ أشْقَى خلقِك. فيقولُ: فما عَسَيْتَ إنْ أعطَيتُكَ ذلك أنْ تسأَل غَيرَهُ؟ فيقولُ: لا وعِزَّتِكَ لا أسْأَلُكَ غير هذا، فيُعْطي ربَّه ما شاءَ مِنْ عهْدٍ وميثاقٍ، فيُقَدِّمُه إلى بابِ الجنَّة، فإذا بلَغ بابَها رأى زَهْرَتها وما فيها مِنَ النَّضْرَةِ والسرورِ، فسكتَ ما شاءَ الله أَنْ يسْكتَ، فيقول: يا ربِّ أدْخِلْني الجنَّةَ! فيقول الله: ويْحكَ يا ابْنَ آدَم ما أغْدَرك! ألَيْس قد أعْطَيْتَني العهودَ [والميثاق] أن لا تَسْأَلَ غيرَ الذي أعطيتَ؟ فيقولُ: يا ربِّ! لا تَجْعَلْني أشْقَى خَلْقِك، فيَضْحَكُ الله منه، ثمَّ يأْذَنُ له في دُخول الجَنَّةِ، فيقولُ: تمنَّ، فيَتَمنّى، حتى إذا انْقطَعَتْ أُمنِيَّتُه، قال: تَمنَّ مِنْ كذا وكذا، يذَكِّرُه ربُّه حتى إذا انْتَهتْ به الأماني، قال الله: لكَ ذلك ومِثلُهُ معَهُ".
قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرة: إنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"قال الله: لكَ ذلك وعَشَرةُ أمْثالِه".
قال أبو هريرة: لَمْ أحْفَظْ مِنْ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلاَّ قولَه: