للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رأْسَكَ، وقلْ تُسمَعْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فيذهَبُ لِيَقعَ ساجِداً، فيأخُذ جبريلُ بضَبْعيهِ (١)، ويفتَحُ الله عليه مِنَ الدُّعاء ما لَمْ يفتَحْ على بَشرٍ قَطُّ، فيقول: أيْ ربِّ! جعلْتَني سَيِّدَ ولدِ آدَم ولا فَخْرَ، وأوَّلَ منْ تنشَقُّ عنه الأرضُ يومَ القِيامة ولا فخرَ، حتى إنهُ لَيَرِدُ عليَّ الحوضَ أكثرُ ما بين (صنْعاءَ) (وأيْلَةَ)، ثم يقالُ: ادْعوا الصدِّيقين، فيَشْفَعون، ثم يقالُ: ادْعوا الأنْبِياءَ، فيَجيءُ النبيُّ معه العِصابَةُ، والنبيُّ معه الخمسةُ والستَّةُ، والنبيُّ [ليس] معه أحدٌ، ثم يُقالُ: ادْعوا الشُّهداءَ، فيشفَعونَ فيمَنْ أرادوا، فإذا فعَلتِ الشهداءُ ذلك يقولُ الله جلَّ وعلا: أنا أرْحَمُ الراحمين، أدْخِلوا جنَّتي مَنْ كان لا يُشْرِكُ بي شيْئاً، فيدخلونَ الجنَّة.

ثم يقول الله تعالى: انْظُروا في النار؛ هلْ فيها مِنْ أحدٍ عمِلَ خيراً قطُّ؟ فيجدون في النار رجلاً، فيقال له: هلْ عمِلْتَ خيراً قطُّ؟ فيقولُ: لا، غيرَ أنِّي كنتُ أُسامِحُ الناسَ في البيْعِ، فيقولُ الله: اسْمَحوا لعبْدي كإسمْاحِه (٢) إلى عَبيدي.

ثم يُخرَج منَ النار آخَرُ، فيقال له: هلْ عملتَ خيراً قطُّ؟ فيقول: لا، غيرَ أنِّي كنتُ أمرتُ ولدي: إذا متُّ فأَحْرِقوني بالنارِ ثم اطْحَنوني، حتى إذا كنتُ مثلَ الكُحْلِ اذْهبوا بي إلى البَحْرِ فذرّوني في الريحِ، فقال الله: لِمَ فعلْتَ ذلك؟ قال: مِنْ مخافَتِكَ. فيقولُ: انظرْ إلى مُلْكِ أعْظَمِ مَلِكٍ؛ فإنَّ لك مثلَهُ وعشرةَ أمْثالِه، فيقول: لِمَ تسْخَرُ بي وأنتَ المَلِكُ؟ فذلك الذي ضحِكْتُ منه مِنَ الضُّحى".


(١) تثنية (الضَّبع): وهو ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاها.
(٢) في "النهاية": " (الإسماح) لغة في السماح، يقال: سمح وأسمح إذا جاد وأعطى عن كرم وسخاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>