أهْلِه. فقال الناسُ لأبي بكْرٍ رضي الله عنه: سَلْ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ما شأْنُه صنَع اليومَ شيئاً لمْ يصْنَعْهُ قَطُّ؟ فقال:
"نعم؛ عُرِضَ عليَّ ما هو كائنٌ مِنْ أمرِ الدنيا والآخِرَةِ، فجُمعَ الأوَّلونَ والآخِرونَ بصعيدٍ واحد، حتى انْطَلقوا إلى آدمَ عليه السلام والعَرقُ يكاد يُلجِمُهم، فقالوا: يا آدمُ! أنتَ أبو البَشر، اصْطفاكَ الله، اشْفَعْ لنا إلى ربِّك. فقال: قد لَقيتُ مثلَ الذي لَقيتُم، انْطَلقوا إلى أبيكُم بعدَ أبيكُم؛ إلى نوحٍ {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}.
فينْطَلقونَ إلى نوحٍ عليه السلامُ، فيقولون: اشْفَعْ لنا إلى ربِّك؛ فإنَّه اصْطفاكَ الله، واسْتَجاب لك في دُعائك، فلم يدَعْ على الأرِض مِنَ الكافرين دَيّاراً. فيقولُ: ليسَ ذاكُمْ عندي، فانطَلِقوا إلى إبْراهيم؛ فإنَّ الله اتَّخَذَهُ خليلاً.
فينْطَلقونَ إلى إبْراهيمَ عليه السلامُ فيقولُ: ليسَ ذاكُمْ عندي، فانْطَلِقوا إلى موسى؛ فإنَّ الله [قد] كلَّمه تكْليماً.
فينْطَلِقونَ إلى موسى عليه السلامُ فيقولُ: ليْسَ ذاكُمْ عندي، ولكنِ انْطَلقوا إلى عيسى ابن مريم؛ فإنَّه كان يُبْرِئُ الأكْمه والأبْرصَ، ويحيي الموْتى، فيقولُ عيسى؛ ليسَ ذاكُمْ عندي، ولكنِ انْطَلقوا إلى سيِّد وَلَدِ آدم؛ فإنَّهُ أوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عنه الأرضُ يومَ القيامَةِ، انْطَلِقوا إلى محمدٍ فلْيَشْفَعْ لكم إلى ربُّكُمْ. قال:
فينْطَلِقون إليَّ، وآتي جبريلَ، فيأتي جبريلُ ربَّه فيقول: ائْذن له، وبشِّرْه بالجنَّةِ. قال: فينطَلِقُ به جبريلُ فيخِرُّ ساجداً قدرَ جُمعَةٍ، ثمَّ يقولُ الله تبارَك وتعالى: يا محمَّد! ارْفَعْ رأْسَك، وقلْ تُسمَعْ، واشْفَعْ تُشفَّعْ. فيرفع رأْسَهُ، فإذا نظَر إلى ربِّه خرَّ ساجداً قدرَ جُمعةٍ أُخرى، فيقولُ الله: يا محمَّدُ! ارْفَعْ