للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قيل: إن قوله: "من استطاع. . ." إلى آخره إنما هو مُدْرَجٌ من كلام أبي هريرة موقوف عليه. ذكره غير واحد من الحفاظ (١). والله أعلم.

ولمسلم من رواية أبي حازمٍ قال:

"كنت خَلْفَ أبي هريرةَ وهو يتوضّأ للصلاةِ، فكانَ يَمُدُّ يَدَه حتى يَبلُغَ إبطَه، فقلتُ له: يا أبا هريرةَ! ما هذا الوضوءُ؟ فقال: يا بَني فَرُّوخَ (٢) أنتم هاهنا؟ لو علمتُ أنّكم ههنا ما توضّأتُ هذا الوضوءَ، سمعت خليلي رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:

"تَبلغُ الحِليةُ مِنَ المؤمنِ حَيثُ يَبلغُ الوُضوءُ" (٣).

ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" بنحو هذا، إلا أنّه قال: سمعتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:

"إنّ الحِليةَ تبلغُ مَواضعَ الطَّهور".

(الحِلية): ما يحلّى به أهل الجنة من الأساور ونحوها.


(١) قلت: وهو الذي جزم به ابن تيمية، وابن القيم، والحافظ، وتلميذ، الشيخ الناجي (٣٠).
(٢) بفتح الفاء وتشديد الراء وبالخاء المعجمة، قال صاحب العين: (فروخ) بلغنا أنه كان من ولد إبراهيم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، من ولدٍ كان بعد إسماعيل وإسحاق؛ كثر نسله، ونما عدده، فولد العجم الذين هم في وسط البلاد.
قال القاضي عياض -رحمه الله-: أراد أبو هريرة هنا: الموالي وكان خطابه لأبي حازم. قال القاضي: وإنما أراد أبو هريرة بكلامه هذا أنه لا ينبغي لمن يقتدى به إذا ترخص في أمر لضرورة، أو تشدد فيه لوسوسة، أو لاعتقاده في ذلك مذهباً شذ به عن الناس أن يفعله بحضرة العامّة الجهلة؛ لئلا يترخّصوا برخصة لغير ضرورة، أو يعتقدوا أن ما تشدد فيه هو الفرض اللازم. والله أعلم.
(٣) قلت: ورواه البخاري في "باب نقض الصّور" من طريق أبي زرعة قال: دخلت مع أبي هريرة داراً بالمدينة. . ثم دعا بتَوْرٍ من ماء فغسل يديه حتى بلغ إبطه، فقلت: يا أبا هريرة! أشيء سمعته من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: منتهى الحلية. قال الشيخ الناجي:
"وهذه الرواية تدل على أن آخره ليس بمرفوع".

<<  <  ج: ص:  >  >>