للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٧ - (٣) [صحيح] وعنه؛ أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتى المقبرة (١) فقال:

"السلامُ عليكم دارَ قومٍ مؤْمنين، وإنا إنْ شاءَ اللهُ بكم عن قريبٍ لاحقون، وددْتُ أَنّا قد رأينا إخوانَنا".

قالوا: أوَلَسْنَا إخوانَكَ يا رسولَ الله؟ قال:

"أنتم أصحابي، وإخوانُنا الذين لَم يأتوا بعدُ".

قالوا: كيف تَعرِفُ من لم يأتِ بعدُ مِن أمَّتكَ يا رسولَ الله؟ قال:

"أرأَيتَ لو أنّ رجلاً له خيلٌ غُرٌّ مُحَجَّلة، بين ظَهرَيْ خَيلٍ دُهْمٍ (٢) بُهمٍ، ألا يَعرِفُ خَيلَه؟ ".

قالوا: بلى يا رسولَ الله! قال:

"فإِنّهم يأتونَ غُرّاً مُحَجَّلِين مِن الوُضوءِ، وأنا فرَطُهم على الحوضِ".

رواه مسلم وغيره.

١٧٨ - (٤) [حسن صحيح] وعن زِرٍّ عن عبد الله رضي الله عنه؛ أنّهم قالوا:

يا رسولَ الله! كيفَ تَعرفُ مَن لَمْ تَرَ مِن أمّتك؟ قال:

"غُرٌّ مُحَجَّلون بُلْقٌ (٣) من آثارِ الوُضوءِ".


(١) (المقبرة) فيها ثلاث لغات: ضم الباء وفتحها وكسرها، والكسر قليل.
و (دار قوم) هذا نصب على الاختصاص أو النداء المضاف، والأول أظهر.
وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "وإنا إنْ شاء الله بكم عن قريب لاحقون"، أتى بالاستثناء مع أنّ الموت لا شك فيه؛ وليس للشك.
وقوله: (وددت) فيه جواز التمنّي لا سيّما في الخير ولقاء الفضلاء وأهل الصلاح.
وقوله: (أنتم أصحابي) ليس نفياً لإخوّتهم، ولكن ذكر مزيّتهم الزائدة بالصحبة، فهؤلاء إخوة صحابة، والذين لم يأتوا إخوة ليسوا بصحابة، كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وقوله: (بين ظهرَي) فمعناه بينهما، وهو بفتح الظاء وإسكان الهاء.
(٢) جمع أدهم، وهو الأسود.
و (البهم) قيل: السود أيضاً، وقيل: (البهم): الذي لا يخالط لونه لوناً سواه، سواء كان أسود أو أبيض أو أحمر، بل يكون لونه خالصاً. والله أعلم.
(٣) جمع أبلق، و (البَلق): سواد وبياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>