ثم ولَّى فجلس إلى سارية، وتَبعْتُه، وجلستُ إليه، وأنا لا أدري من هو؟ فقلت: لا أرى القومَ إلا قد كرهوا الذي قلتَ. قال: إنهم لا يعقلون شيئاً، قال لي خليلي -قلت: مَن خليلك؟ قال: النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
" [يا أبا ذر! أ] تُبْصِرُ أُحُداً؟ ".
قال: فنظرت إلى الشمسِ ما بقي من النهار؟، وأنا أرى رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرسلني في حاجة له -قلت: نعم. قال:
"ما أُحِبُّ أنّ لي مثلَ أُحدٍ ذهباً أُنفقه كلَّه، إلا ثلاثةَ دنانير".
وإن هؤلاءِ لا يعقلون، إنما يجمعون الدنيا، لا والله -لا أسألهم دُنيا، ولا أستفتيهم عن دِين، حتى ألقى اللهَ عز وجل.
رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم أنه قال:
"بَشِّر الكانزين (١) بِكيٍّ في ظهورهم يخرج من جنوبهم، وبِكيٍّ من قِبَلِ أقفائِهم يخرج من جِباهِهم".
قال: ثم تَنَحَّى فقعد. قال: قلتُ: من هذا؟ قالوا: هذا أبو ذر.
قال: فقمتُ إليه فقلت: ما شيءٌ سمعتُك تقول قُبَيْلُ؟
قال: ما قلتُ إلا شيئاً قد سمعتُه من نبيهم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال: قلت: ما تقول في هذا العطاء؟
قال: خُذه؛ فإن فيه اليومَ مَعُونَةً، فإذا كان ثمناً لدِينك فَدَعْهُ.
(الرَّضْف) بفتح الراء وسكون الضاد المعجمة: هو الحجارة المحماة.