للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ الأخذِ عمَّن يدَّعي السِّنَّ، أو يدَّعي له مِنَ العوام ونحوهم ممَّن لو صحَّت الدَّعوى منه (١)، لدخل في عموم إجازة القُدماء، وهو متعيِّنٌ.

وذكرت هذه الحكاية استطردًا لقوله: "حاسبوهم بالتاريخ" (٢).

وقال للشِّهاب الرِّيشي مرَّةً وهو جالسٌ في محراب المنكوتمرية، والشهاب بحذاء المحراب أيضًا يا شهابَ الدِّين، هل تعرفُ في القرآن "الرَّحيم الرحمن"؟ فبادر إلى إنكار ذلك، مع كونه ماهرًا في حفظ القرآن, بل ومِنَ القُرَّاء واستمر يبالغُ في الإنكار وشيخنا ساكتٌ وهو (٣) يكثر التَّبسُّمَ، وأطال في ذلك، فقال له: يا شهاب، ارفع رأسَكَ وانظر تُجاهَكَ، فرفع رأسه، قرأى بصدر الإيوان المقابل له مكتوبًا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢)}، فكانت مِنَ الفوائد الجليلة، واستحسنها الجماعة.

وعندي مِنْ خفَّةِ خاطره، وحلاوة نادرته، ولطافة طبعه، الذي إذا وقعت لها الكلمةُ الزَّائدةُ المستحسنة لا يسكت عنها، أمرًا عجبًا، وتجد كلَّ واحدٍ مِنْ جماعته يحفظُ مِنْ ذلك ما لا يحفظُه الآخرُ، فرحمه اللَّه وإيانا. آمين.

ومِنْ ذلك: أنَّ سائلًا رفع له قُصَّةً يلتمَسُ شيئًا مِنْ مبرَّاته، فكتب له عليها بقدرٍ، ثم جاءه (٤) بعد قليل بقُصَّةٍ أيضًا، ظانًّا أنَّه يَخْفَى عليه قُرْبُ مجيئه، فكتب له بهامشها:

إذا ما جَنَيْتَ جنى نَخْلَةٍ ... فلا تَقْرَبَنهَا إلى قابِلِ

ونحو هذا: أنَّه عزل أحدَ نوَّابه شمس الدين بن خيرة، فتوسَّل عنده


(١) "منه" ساقطة مِنْ (ط)،
(٢) "بالتاريخ" ساقطة مِنْ (ب).
(٣) "وهو" ساقطة مِنْ (ب، ط).
(٤) في (أ): "جاؤوا".