للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونظر في لغة العرب، ففاق في استحضارها، حتى لقد رأيت النَّواجي يأتي إليه في كلِّ شهر بما يقف عليه مِنْ ذلك وشِبْهِه، فيراجعه فيه، فيزيحُ عنه إشكاله، ويرشده إلى فهمه بديهةً، بحيث يكثر الآن تأسُّفي على عدم ضبط ما كنت أحضرُه من ذلك.

وقرأ على شيخه العلامة شيخ الإقراء برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد التنوخي الفاتحة، ومن أول البقرة إلى قوله {الْمُفْلِحُونَ} [آية: ٥]، بالروايات السَّبع، جامعًا لذلك بين طرق (١) الشاطبي و"العنوان" (٢) و"التيسير"، وأذِنَ له الشيخ في الإقراء بذلك، وأشهد على نفسه -على العادة في ذلك- في سنة ست وتسعين وسبعمائة، وأخبره بقراءة هذا القدر المعيَّن على العلامة برهان الدين إبراهيم الجعبري (٣) نزيل بلد الخليل. وبقراءة القرآن جميعه للسبعة أيضًا على العلامة شمس الدين السَّراج والبرهان الحُكري وأبي العباس المرادي وأبي عبد اللَّه الوادي آشي، وللعشرة على سيبويه الزمان أبي حيان، بأسانيدهم التي لا نُطيل بإيرادها. وكان شيخنا جوّده قبل ذلك كما تقدم.

وقرأ على العلَّامة أحدِ الأفراد في معناه البدر محمد بن إبراهيم البَشْتكي مجلسًا واحدًا من "مقدمة لطيفة في علم العروض"، وكان السبب في ذلك ما سمعتُه مِنْ شيخنا غيرَ مرة، قال: كنت في أوَّل الأمر أنظم الشعر مِنْ غير تقدم اشتغال في العَروض، فسألني شخص أن يقرأ عليَّ مقدمة في العروض سريعة المأخذِ، وأجبته لذلك، وواعدته ليوم عيَّنتُه له، ثمَّ توجهتُ في الحال مِنْ مصرَ إلى القاهرة، فاجتمعت بصاحبنا البدر البشتكي، وسألته عن مقدمة في ذلك سهلة التَّناول، فأشار إليها، فأخذتها منه، وقرأت عليه منها مجلسًا،


(١) في (ب، ط): "طريق".
(٢) في (ط): "الفنون".
(٣) في (ب، ط): "برهان الدين بن إبراهيم"، خطأ. وهو برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن إبراهيم الجعبري المقريء. توفي سنة ٧٣٢ هـ. الدرر الكامنة ١/ ٥٠.