وقت الغروب، آخرها في أواخر ذي القعدة، لكونه لم يكن يروي منها بالسماع غير منتقى منها، بسماع البرهان لها على الصلاح ابن أبي عمر، عنه.
والعجب أنَّه لم يكن بحلب من "المشيخة" نسخة، فجهز شيخنا مَنْ أحضرها له مِنْ دمشق، كما اتفق لي في "سنن الدارقطني" أُحضِرَت لأجلي من الشَّام إلى حلب مع بعض السُّعاة. ولما حضرت المشيخةُ، قال للبرهان -كما قرأته بخط والده-: أقرأتها على الصلاح أم سمعتها؟ فقال له في الجواب: ومَنْ كان يقرأ لي؟ قال: ثم كان الوالد يستحيي بعدُ مِنْ هذا الجواب، لما فيه مِنَ الإشعار بالمدح. انتهى.
ولم يكن البرهانُ منفردًا -حينئذٍ - برواية الكتاب المذكور، بل كان بالشَّام غيرُ واحدٍ ممّن سمعه على الصلاح ابن أبي عمر أيضًا. وأحضر بعضهم إلى الديار المصرية بعد ذلك، فحدَّث به، وقرأته على بعض أصحاب الصَّلاح [بل واستمر أصحاب الصلاح](١) حتى كان آخرُهم موتًا في سنة سبعين بعد هذا الأوان بدهر.
وسمع على البرهان أشياء غير ذلك. وسمع بعض "عشرة الحداد" على شيخنا بالإجازة القاضي أبي جعفر ابن الضياء، والشهاب أحمد بن إبراهيم بن العديم، وكتب عن القاضي علاء الدين ابن خطيب الناصرية السابق، وغير واحد أشياء من نظمٍ وغيره.
وهكذا كان دأبُه عدمُ التَّحاشي عن التقاط الفائدة والسماع مِمَّن هو أعلى سندًا منه، ولو كان دُونَه في المرتبة، على جاري عادة الأئمة، لا يصدُّه عن ذلك علُوُّ منصبه، بل يتظاهر بفعله، مع إمكان خلاف ذلك.
اتفق أنه أحضر خاتمة المسندين الشهابَ أحمد بن أبي بكر الواسطي، وكان يجلس عند الأميين لمجلس إملائه الحافل بالبيبرسية، فسمع هو وولده والجماعة عليه، وذلك في جمادى الآخرة سنة ست وعشرين وثمانمائة، وكذا