للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سادس عشري (١) رمضان "قصيدة الأديب شيخ علي" التي امتدح بها البدر ابن الشهاب محمود، وهي مشهورة، كان الكمال سمِعَها مِنْ ناظمها، وكان صاحب الترجمة أيضًا سمعها قبل ذلك مِنَ القاضي ناصر الدين والد الكمال المذكور، وأولها:

ألا يا نسمة الرِّيحِ ... قفي أُبديك تبريحي

قفي أسألكِ عَنْ قلبي ... وإنْ شئتِ أقُلْ رُوحي

قال: وهي طويلة، وقَعَتْ له فيها أشياء مستحسنة، فعرضها الممدوحُ على الشيخ أبي بكر المنجم، فقرَّضَها بأبيات في قافيتها ووزنها، ومدح في آخرها الممدوح المذكور، وأرسلها إليه، فشرع شيخ علي ينتقد فيها أبياتًا يدعي على (٢) المنجم فيها الخطأ، فبلغ ذلك المنجم، فناقض القصيدة الأولى بقصيدة مُجونٍ على طريق ابن الحجاج، أجاد فيها إلى الغاية، أولها:

ضُراطُ البغلِ في الرِّيحِ ... على فرش مِنَ الشِّيحِ

وأذن السلطان لشيخنا في الرجوع، فرجع مع البدر العنتابي إلى بلده عين تاب، فصلَّيا عيد الفطر بها، وكان يوم الخميس. وسمع عليه بظاهرها -قال-: بقراءة رفيقنا -يعني في السفر- ناصر الدين محمد ابن المرحوم شهاب الدين ابن المهندس ثلاثة أحاديث، أحدها من "مسند أحمد"، والآخران من "صحيح مسلم". ثم توجَّها إلى حلب، فدخلاها يوم السبت ثالت شوال، فأقاما بها. وعقد مجلس الإملاء أيضًا في ثالث عشر شوال، فحضره أعيانُ الحلبيين، ومنهم: الشيخ برهان الدين المذكور قبلُ، والعلامة البدر ابن سلامة، وأعيان المصريين، ومنهم: رفيقُه القاضي الحنفي. وقرأ الشمس ابن خليل بجوقته المُطربة، وفُرِّقت الرَّبعة، واستمر يُملِي (٣) بها كلَّ يوم ثُلاثاء حتى أكمل ستة مجالس غير الأول. وكان انتهاء إملائه فيها في


(١) في (أ): "عشر".
(٢) "على" ساقطة من (أ).
(٣) "يملي" ساقطة من (ب).