وعاد إلى حلب، فأقام بها إلى أن رجعتِ العساكرُ، فتوجَّه معهم في يوم السبت سابع ذي الحجة، ووصلوا إلى القاهرة -كما قرأته بخطه- في يوم الأحد العشرين مِنَ المحرم سنة سبع وثلاثين وثمانمائة، بعد أن خطب صاحبُ الترجمة بالسلطان -إذ أمره بذلك- في جامع بني أُمية يوم الجمعة سابع عشري ذي الحجة في وداع السَّنة، وارتحلوا مِنْ دمشق في اليوم الذي يليه، وهو السبت، ووصلوا غزة يوم الثلاثاء ثامن (١) المحرم، وارتحلوا منها بعد يوم الخميس عاشر المحرم.
وكان قد علَّق بخطِّه في حال إقامته بالشام وحلب أشياء كثيرةً جدًّا، تزيد على مجلدين، فمن ذلك: أنه انتقى من "شرح البخاري" للحافظ برهان الدين الحلبي مجلدًا، وانتقى "تاريخ قزوين" للرافعي المسمى "بالتدوين"، وانتقى "زوائد الألغاز للغَزِّي" ولخص "ثبت البرهان الحلبي"، وطالع "تاريخ العلاء ابن خطيب الناصرية"، إلى غير ذلك مما لا يمكنني ضبطه. وقُرئَتْ عليه هناك أشياء كثيرةٌ روايةً ودرايةً، فمن الرواية:"مسند الشافعي"، ومن الدراية "شرح التحفة"، وسمعته يقول: استفدت في هذه الرحلة أن اسم أبي عُمير بن أبي طلحة حفصٌ، نقلته من كتاب "فاضلات النساء" لابن الجوزي، وألحقته في الأدب مِنَ الشرح. ولم يكن صاحب الترجمة وقف على الكتاب المذكور قبل ذلك، بل أرسل الشيخ برهان الدين الحلبي إلى مَنْ هو عنده مِنْ أهلِ حلب، فأحضر إليه وهو المنبِّه له على ذلك أولًا. وكان رحمه اللَّه يقول: لم أستفد مِنَ البرهان المذكور غيرَ ذلك.
ورافقه في هذه السفرة قريبُه شعبان، ونقيبه الشهاب ابن يعقوب، وموقِّعُه ناصر الدين ابن المهندس، وخصيصه مِنْ تلامذته القاضي نور الدين ابن سالم، وأحد تلامذته: البقاعي. وغيرهم مِنَ الأتباع.
وبيَّن في هذه السفرة بسائر البلاد التي اجتاز بها فساد ما بثَّه الشمس