للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وهذان البيتان معزوَّان لأبي القاسم محمد بن هانىء (١) الأندلسي [الشاعر المشهور] (٢)، ويقال: إنهما لجعفر بن فلاح، [ويقال: لأبي تمام. قال ابن خلكان: وهو غلط، بل هما لابن هانىء المذكور، والممدوح جعفر بن فلاح، ولفظ أولهما:

كانت مُسائلة الرُّكبان تخبرني ... عن جعفر بن فلاح أطيبَ الخَبرِ

ومن قال: "عن أحمد بن دُؤاد"، بَدَل "جعفر بن فلاح"، فقد أخطأ] (٣).

ووقعت فيهما اتفاقية غريبة، فيحكى أنَّ العز أيْدَمُر السَّنَائي الدَّوادار أنشدهما للتاج أحمد بن سعيد بن محمد بن الأثير الحلبي كاتب السرّ، عندما خدم بديوانِ الإنشاء في الأيَّام الظَّاهرية، أول اجتماعه به، وقبل معرفة اسمه واسم أبيه، فقال:

كانت مُساءلة الرُّكبان تُخبرني ... عن أحمد بن سعيد أحسن الخَبرِ

ثم التقينا. . . إلى آخرهما.

فقال له التاج: يا مولانا، أتعرف أحمد بن سعيد؟ قال: لا واللَّه. فقال: هو المملوك. فتعجَّبا من غرابة الاتفاق.

ونحوه أنَّ أبا الغنائم محمد بن علي بن فارس بن علي، المعروف بابن المعلّم، اجتاز يومًا ببغداد بمكان فيه زحامٌ كثير، فسأل عن سببه، فقيل: إن أبا الفرج بن الجوزي الواعظ هناك يعظ، فزاحَمَ وتقدَّم حتى سمعه، وهو يذكر، فكان مِنْ كلماته مستشهدًا لبعض إشاراته: ولقد أحسن ابنُ المعلم حيث يقول:

يزدادُ في مسمعي تكرارُ ذكركُم ... طِيبًا ويَحْسُن في عيني مكرَّرُهُ


(١) في (ب): "معزوان لابن هانىء".
(٢) و (٣) ما بين حاصرتين لم يرد من (ب).