وأمَّا طريقُ عبد الرَّزاق التي علَّقها البخاري بمتابعة هشام بن يوسف عليه، فقال أبو جعفر بن جرير الطَّبري في "تفسيره": حدَّثنا الحسنُ بن يحيى، حدَّثنا عبدُ الرَّزَّاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني ابن أبي مُلَيكة، أنَّ علقمة بن وقَّاص أخبره أنَّ مروان قال لبوَّابه: اذهب يا رافعُ إلى ابن عباس، فقل له: لئن كان كل أمرئ منّا فرح بما أتى وأحب أن يُحمَدَ بما لم يفعلَ معذَّبًا، لنُعَذَّبَنَّ أجمعون. فقال ابن عباس: مالكم ولهذه. . . فذكر الحديث.
وهكذا رواه الإسماعيلي (١) في "المستخرج على صحيح البخاري" عن أبي بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ، عن أبي عروبة الحُسين بن محمد بن أبي معشر الحراني، عن سَلمَةَ بن شبيب، عن عبد الرزاق به. فاتَّفقَ هؤلاء الثَّلاثة مِنْ أصحاب ابن جريج -وهم: هشامُ بنُ يوسف وعبد الرَّزاق الصَّنعانيان، وحجَّاجُ بنُ محمَّد المِصِّيصي- على سياق القصة. وخالف الصَّنعانيان المصِّيصيَّ في اسم الراوي للقصة، فاتفقا على أنَّه عَنْ علقمَة. وقال حجاجٌ: عن حُميد، فنظرنا: هل نجد لحجاجٍ متابعًا ليَبْعُدَ الترجيحُ بالأكثريَّة ويُرْجَع إلى الجمع، فإذا محمدُ بن عبد الملك بن جريج قد رواه عن أبيه بمتابعة حجاج بن محمد، إلا أنه لم يُسم رافعًا.
وأخرجه الإمام الكبير أبو محمد إسحاق بن راهويه في "مسنده" عن رَوْح بن عبادة، حدثنا محمدُ بن عبد الملك بن جريج، عن أبيه، عن ابن أبي مليكة، أنَّ حُمَيْدَ بن عبد الرحمن بن عوف أخبره أن مروان بعث إلى ابن عباس: واللَّه لَئِنْ كان كلُّ امرىءٍ منَّا فَرِح بما أتى وأحبَّ أن يُحمد بما لم يفعل معذبًا، لنُعذّبنَّ أجمعون، فقال ابن عباس: إنما أُنزلت في أهل الكتاب، فذكر الحديث كما تقدم.
وهكذا رواه الإسماعيلي في "مستخرجه" من طريق أبي الأزهر أحمد بن الأزهر النَّيسابوريِّ، عن روح بن عبادة، إلا أنَّه لم يَسُقْ لفظه.
(١) ما في "تغليق التعليق" ٤/ ١٩٢ أن الذي أخرج هذه الطريق هو أبو نعيم في "مستخرجه" لا الإسماعيلي.