للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذَهَل الحاكم فرواه (١) في "المستدرك" من طريق إسحاق بن راهويه، وزعم أنَّ الشيخين لم يخرجاه. انتهى.

وظاهر سياق رواية محمد يشعر بأن (٢) حُميدَ بنَ عبد الرحمن كان عند ابن عباس لمَّا جاءه رسول مروان، ويؤيِّدُ ذلك عدمُ ذكرِه الرسول هنا وتسميته؛ لأنه غيرُ مقصود بالرواية.

وإذا احتمل هذا في السياق الذي عن حميد بن عبد الرحمن، احتمل مثله في السياق الذي عن علقمة بن وقاص؛ لأنه لا يخلو مِنْ أن يكونَ ابنَ جريج حَفِظَه عن ابن أبي مُليكة عنهما جميعًا، فكان تارة يحدِّث به عن هذا، وتارة عن هذا، أو يكون ابنُ جريج سمعه مِنَ ابن أبي مليكة عن أحدهما، وعندما أدَّاه حدَّث به مرَّةً على الصواب ومرة على الوهم.

فإن كان الأول -وهو (٣) الراجح- وهو ظاهرٌ مِنْ تَصَرُّف صاحبي الصَّحيح، فإنَّهما لا يجعلان الاختلاف مِنْ ثقةٍ حافظٍ على ثقتين حافظين، إذا كان على حدٍّ سواء علة (٤) قادحة. بل إنما يُعللان هما ومَنْ تبِعَهُما بالاختلاف، حيث يترجَّحُ أحدٌ الثِّقتين على الآخر بوجه قويِّ مِنْ وجوه الترجيح. أو يكونُ التردُّد واقعًا بين ثقةٍ وضعيفٍ. فمثلُ هذا عندهم مِنَ العلل القادحة. وقلَّ أن يُوجَدَ في الكتابين بهذه المثابة شيءٌ بخلاف الأول، ففي الكتاب عدةُ أحاديث كذلك.

وإن كان الثاني، بأن كان ابنُ جريج إنَّما سمعه مِنَ ابنِ أبي مُليكة عن واحد، فحدَّثَ به وتارةً على الصواب، وتارةً على الوهم، فيترجَّحُ عندي روايةُ حجاج بن محمد؛ لأنَّه أثبتُ النَّاس في ابن جُريج، وبذلك وصفه الإمامُ أحمد بن حنبل، ومعلَّى بن منصور الرازي، وقدَّمه يحيى بنُ معين على أبي عاصم. وقال إسحاق بن إبراهيم السُّلمي: كان حجَّاجُ بنُ محمد


(١) "فرواه" ساقطة من (ب).
(٢) في (أ): "بأنه".
(٣) في (ط): "هو"، بدون الواو.
(٤) في (أ): "علته".