للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نائمًا أوثَق مِنْ عبد الرزاق يقظان.

قلت؛ وما يُحكى مِنْ أنَّه اختلط، قد ذكر إبراهيم الحربيُّ أنَّه لم يضرّه الاختلاط، وأن يحيى بنَ معين اجتمع به أوَّلَ ما تغيَّر حفظهُ، فقال لابنه: لا تدخل عليه (١) أحدًا.

حتى لو سلمنا أنَّه ضرَّه الاختلاط، فإنَّ سماعَ الإمام أحمد منه في غاية الإتقان، ولا سيما وقد تابعه محمد بنُ عبد الملك بن جُريج. ولا ريبَ أنَّ آلَ الرجل إذا كانوا عُدُولًا، أولى بإتقان حديثه مِنْ غيرهم، وأما اتفاق (٢) هشام وعبد الرزاق، فلا تأثير له؛ لأن سماعهما كان واحدًا، واللَّه أعلم.

وقد اعترض الإسماعيليُّ، رحمه اللَّه تعالى، على البخاري في إخراج هذا الحديث [فقال ما نصُّه: رحمَ اللَّه أبا عبد اللَّه، فإنه أخرج هذا الحديث] (٣)، في "الصحيح"، مع الاختلاف فيه على ابن جريج، فقال عبد الرزاق وهشام: عنه، عن ابن أبي مليكة، عن علقمة. وقال حجاج: عنه، عن ابن أبي مليكة، عن حميد بن عبد الرحمن. قال: ثم إن مرجِعَ الحديث إلى بوَّابِ مروان، عن ابن عباس. وبوابُ مروان وحرسيُّهُ بمنزلةٍ واحدةِ، ثم لم يذكر -يعني البخاري- حديث عُروة عن مروان، عن بُسرة بنت صفوان في مَسِّ الذَّكَر. ولا فرقَ بينهما، إلا أن البواب مسمًّى والحَرسيُّ غيرُ مسمًّى، وكلاهما غيرُ معروف. فاللَّه يغفرُ لنا وله. انتهى كلامه.

والجواب عن الأول، بأنا قد بينَّا أن البخاري لا يُعلِّلُ بمثل هذا الاختلاف إما كان دائرًا على ثقات على شرطه. وأمَّا كونُه لم يخرِّج حديث بُسرة، وهو شبيه بهذا الحديث في الاختلاف فيه على عروة [وهل


(١) "عليه" ساقطة من (ط).
(٢) في (أ، ح): "إتقان".
(٣) ما بين حاصرتين ساقط من (ب).