للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمعه] (١) من مروان عن بسرة، أو من حرسيِّ مروان، عن بسرة، أو لقِيَ بُسرَة فشافَهها به، فقدِ اختلفَ الرُّواةُ فيه على الأوجه الثلاثة.

ونحن، وإن سلَّمنا أنَّ هذا الاختلاف لا يضرُّ الخبر، لأنَّ مروانَ مِنْ رجال البخاري. لا كما توهَّم بعضُ النَّاس أنَّه لا يجوز الاحتجاج به، فعروة قد سمع الخبرَ منه أولًا على كل حال، وإنَّما أراد الاستثبات فيه، فأرسل الحرسيَّ ليستثبتها فيه. ولولا أنَّ الحرسيَّ المذكور كان عند عروة عدلًا، لما اعتمده، كيف وقد صحَّ لنا بالطَّريق الصَّحيح أنَّ عروة سمعه بعدُ مِنْ بُسرة، فقد رواه ابنُ خزيمة في "صحيحه" وابن حِبَّان في "صحيحه" أيضًا عنه، عن محمد بن رافع، عن ابن أبي فُدَيك -وهو محمد بن إسماعيل- عن ربيعة بن عثمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بُسرة، به. قال عروة: فسألتُ بُسْرَةَ، فصدَّقته. ورواه ابن حبان في "صحيحه" أيضًا، والدارقطني والحاكم من طريق شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة، أنَّ مروانَ حدَّثه عن بُسرة به. قال: فأنكر ذلك عروة، فسألَ بُسرةَ فصدَّقته. ورواه الحاكم أيضًا من طريق حماد بن زيد، والمنذر بن عبد اللَّه الحِزَامي، وعنبسة بنِ عبد الواحد، وحُميد بن الأسود، ويحيى بن سعيد القطَّان، كلهم عن هشام، عن أبيه، أنَّه سمعه من بسرة. وقال ابن خزيمة؛ قد سمع عروة خبرَ بُسرة منها، لا كما توهمَّه بعضُ النَّاس أنَّ الخبر واهٍ لطعنه في مروان. انتهى.

وقد قدَّمنا أن مروان مِنْ رجال البخاري، فيلزمه على هذا إخراجُ حديثه، إلا أنا (٢) نقول: يحتمل أن يكون فيه عنده علةٌ غيرُ هذا الاختلاف لم نطَّلع نحن عليها، فلا يلزمه إخراجه، لانحطاطه عن شرطه. نعم، لا يمنعُ ذلك مِنَ القول بصحَّته، لما تقرَّر مِنْ ضيقِ شرطه في "جامعه"؛ لأنّ الترمذيَّ حكى عنه أنَّه صحَّحه، واللَّه أعلم.


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (أ).
(٢) في (ب): "لأنا".