للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعن عبد اللَّه بن داود روايتان، وعن أبي عوانة روايتان. وانفرد برواية أبي هريرة زيدُ بنُ أبي أنيسة وسفيان الثوري عن الأعمش، ووافقهما رواية زيد عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وانفرد برواية أبي سعيد جريرٌ وشُعبةُ ووكيعٌ ومحمَّد بنُ جُحادة ومحاضرٌ عن الأعمش، ولم يُتَابَع الأعمش في هذه كما تُوبع في تلك. وهذا الحَمْلُ متعلِّقٌ بالثاني، وأما الأول فكيف يُقضى بالوهم على الإمام مسلم رحمه اللَّه، والمُثْبِتُ مقدمٌ على النَّافي؟

ويجوز أن يكون عن أبي معاوية الروايتان. ومسلم الذي يُشدِّد في "حدثنا"، و"أخبرنا"، كيف يخفى عليه مثل هذا؟ وقول المِزِّيِّ: "ومِنْ أدلّ دليل على أنّ ذلك وهم" جمع أبي معاوية وجرير في أن أحال عليهما طريقَ شعبةَ ووكيع إلى آخره. فيه نظر. بل يُفهم مِنْ كلام مُسلم ما قدَّمناه، وهو أنَّ وكيعًا وشعبةَ يوافقان أبا معاوية وجريرًا، بدليل قوله: في إسنادهما وحديثهما. ولو كان الإسنادُ مخالفًا لما قال ذلك، بل كان يأتي بما يقتضي ذلك.

وغالبُ الحوالات في مسلم إنَّما هي في الحديث، فلمَّا قال هنا في إسنادهما وحديثهما دلَّ على ما قلناه. ولو فُتِحَ هذا البابُ، لما بَقِيَ وُثُوق بما في الكُتب الصَّحيحة المعتمدَةِ. فعلى هذه النُّسخة التي وقفتُ عليها مِنْ "ابن ماجه" رواية أبي كُريب عن أبي معاوية على وِفْقِ ما رواه مسلمٌ عن أبي كُريب، عن أبي معاوية، وروايةُ ابن ماجه عَنْ وكيع، تُوافقُ ما قد يُفْهَمُ مِنْ كلام مسلمٍ كما بدأنا به.

ثمَّ راجعتُ حديث الأعمش الذي جمعه الإسماعيليُّ مِنْ حديثه، فوجدتُه أخرج في أحاديث شعبةَ عَنِ الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ذلك، لكن مِنْ غير الطريق التي رواها مسلمٌ عن شُعبة، فقال: حدَّثنا أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الواسطي، حدثنا أبو بدر -يعني عبَّاد بن الوليد الغُبَري- حدَّثنا حجَّاجُ -هو ابن نصير- حدَّثنا شُعبةُ، عن سُليمان، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، قال: قال رسول اللَّه "لا تسبُّوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفقَ مِلْءَ الأرض، أو مثل