للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حليُّهما مِنْ جواهر ونُضارٍ ... واقدٍ مثل لونها وهَّاجِ

كل جمع يروي به مثل ليلٍ ... مظلمٍ وهو له مثل السِّراجِ (١)

لا اعتراضًا يرى ابنُ (٢) مالك فيها ... لا ولا للخليل والزَّجَّاجِ

ولعمري، ما حَسُنَ مثقُوبُ تلك الجواهر إلا بالشِّهاب الثاقب، ولا لذَّ ركوبُ تلك البَكرة الأبيَّة، إلا بركوب الراكب. وهو -أعزَّه اللَّه- كما قيل:

ولم يستفد بالمدح ما ليس عنده ... وهل ينفع التحْجيلُ ما هو أشهبُ

وقد فتحنا بأوصافه البديعةِ أكرمَ باب، وأبدع جَنَابِ، وما عليه في ذلك مِنْ عاب، إذ ما على الكُرماء مِنْ حِجاب. ولو أسَعدَ الجدُّ وأنجدَ السعدُ، لما ناب في خدمته قلَمي عَن قَدَمي، ولا ورد مشرعة الأُنس به كتابي قبل ركابي، ولا سَعِدَ برؤيته رسولي دُون وصولي، ولكن كيف الطَّيرانُ بلا جَناح، وهل على مَنْ لا يجد مِنْ جُناح. وللَّه در القائل:

أهِمُّ بشيء والليالي كأنها ... تُطاردني عَنْ كونه وأطاردُ

وأما غيرُ ذلك مما تحيط (٣) به العلوم الكريمة أدام اللَّه علاها، وأعزَّها وأعلاها، أنَّ المملوك ممن يُعزى إلى لُحمةِ أهل الأدب، وله في العلوم بعض طلب، وفي رجائك أقوى سبب، [وأشرف نسب] (٤)، وهو في البُقعة المكيَّة والعَقوة الحرميَّة.

بلاد بها نِيطَتْ عليَّ تمائمي ... وأوَّلُ أرضٍ مسَّ جلدي ترابها

[وله بمكة المشرفة كَرِش وعيال، تضيق بكثرتهم الأحوال. وهي كما


(١) في (ط): "كالسراج" وكتب المصنف في هامش (ح): "لعله كالسراج".
(٢) في (ب): "أن".
(٣) في (أ): "يحاط".
(٤) ساقطة من (ط).