للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما كفاه يُسمِّي حِبَّهُ صنمًا ... حتى يَصُوغ سَميَّ الحب مِنْ بَهَق

وساكنٍ قلبَ مَنْ يهوى وأضلعُه ... تُكْوى، فسبحان مُنْجيه مِنَ الحرَقِ

رويتُ عَنْ خصره والجفنُ عن جسدي ... فصحَّ عندي حديثَ السُّقمِ مِنْ طرقِ

خدعتُه بنسيبي والدموع فلم ... يَرْحَمْ قيامي على الحالين بالْمَلَقِ

باللَّه ما ضرَّ حُسَّادي لو انك يا (١) ... ليلَ الحمى بات بدري فيك مُغتَبِقي (٢)

ها مهجتي مِنْ طباق الدَّمع في تعبٍ ... فارْحَم مقيَّدة في إثْرِ مُنْطَلِقِ

يدري الذي كنتُ طول اللَّيل أرقبُه ... واحَيْرَةَ القلب لمَّا غابَ عَنْ أفقي

فالشُّهْبُ والجمرُ (٣) مِنْ دمعي لفرقته ... في حَلْبة الخَدِّ معدودان (٤) للسَّبَقِ

إن فَاضَ دمعي دمًا مِنْ بعدِ طلعتهِ ... فالشَّمسُ إن غربَت لا بدَّ مِنْ شَفَقِ

فما تمنَّيتُ نومي بعده ملَلًا ... إلا عسى طيفه يمشي على حَدَقِ

ولا تأنَّس قلبي في تواصُله ... إلا غدوت مِنَ التَّفريق في فَرَقِ

ورُبَّ ليلٍ دَجَا بالهمِّ فاقتدحت ... نارٌ مِنَ الرَّاحِ فيه برَّدت حُرَقي

لولا الحبابُ وكاساتُ المُدامِ به ... لم أحتفِل بنجومِ الأُفق والشَّفق

ولستُ أدري أمِنْ سَكرِ المُدامة أم ... مِنْ سكرِ فضلِ شهابِ الدِّين لم أفِقِ

لولا أبو الفضلِ ما ازدانتْ سماءُ علًا ... ولا بدت في الدَّياجي حِلْيةُ الأفقِ

جارَى أباه إلى فضلٍ فأحرزه ... وزاد بِرًّا وفازَ النُّور بالسَّبقِ

لو لم يكن جدُّه الأعلى دُعي حجرًا ... ما كان يُعْبَدُ هذا الإسمُ في الفِرَقِ

نَزْرُ الكلام إذا ما الحلم (٥) أولعَهُ ... بالصَّمتِ أفصحَ عنه المدحُ في الورقِ


(١) في (أ، ب، ح): "لو"، والمثبت من (ط).
(٢) في (ب، ط): "معتنقي".
(٣) في (أ): "والخمر".
(٤) في (ط): "معدودات".
(٥) في (ط): "الحكم".