للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا برحتُ بأرزاقِ الورى ديمًا (١) ... تجري وفي كلِّ عامٍ لا عَدِمْنَاكِ

ومنه ما نقلته من خطه أيضًا:

ذاب المشوقُ أسًى ممَّا يقاسيه ... فراقبي اللَّه يا شمسَ الضُّحى فيهِ

يا ربَّةَ الخَالِ يا ذاتَ الحِجَال ويا ... ربيبةَ القلب يا أقصى أمانيهِ

هلَّا رعيتِ رَعاكِ اللَّه عهدَ فتى ... مُضنَى الفؤادِ قريحَ الجَفْنِ باكيهِ

يشكو إلى اللَّه ما أضحى يكابدُه ... مِنَ الغرام وما أمسى يُلاقِيهِ

رُدِّي عليه منامًا كان يعهدُه ... لعلَّ طيفَ خيالٍ منك يأتيهِ

وعلِّلِيه بجيران النَّقا فعسى ... يشفي غليل فؤادي مِنْ تلظِّيهِ

قلبٌ تمزَّق مِنْ بعد، فهل لكِ أن ... تُعامليه بتقريبٍ وترقيهِ

واهًا لمضطرِبِ الأحْشا بجَمرِ غَضًا ... لو أنَّ ماء دموعِ العين يُطفيهِ

ما زال مِسعرُ قلبي مِنْ طريق أبي الزِّ ... ناد عَنْ واقديِّ الخدِّ يَرويهِ

وسَلْسَل الدمعُ أخبار الغرامِ، فقُل ... ما شئتَ في ابنِ معينٍ أو أماليهِ

صبٌّ تفقَّه في شرع الهوى فَغَدا ... إمامَ مذهب أهلِ الحُبِّ مُفتِيهِ

في كلِّ يوم له درس يطالعُه ... في صفحةِ الهجر بالذِّكرى ويُلقيهِ

ما بينَ أقوالِ عُذَّالِ تحذِّرهُ ... مِنَ الغرام ووجدِ فيك يُغْريهِ

تصرَّفَتْ فيه أيدي الحُسنِ واحتكمت ... فالجفنُ آمِرُه واللَّحظُ ناهِيهِ

وكم جرت بين وصفيه مناظَرَةٌ ... فالحبُّ يُثبته والسُّقْمُ يَنْفيهِ

وكاتبُ الدَّمع يُنشي فوقَ وَجْنَته ... رسائلَ الوَجْدِ والأشجانُ تُمليهِ

يا ظاعنين وقد أبلى الهوى جسدي ... والشوقُ يلعب بالمُضنَى ويَبريهِ

عُوجوا على مُستهامِ القلبِ ذي شجنٍ ... يُطيعُه السُّهدُ والسُّلوان يعصيهِ

وراقبوا اللَّه في هُجران مكتئبٍ ... في عُنفوان الصِّبا شابت نواصيهِ


(١) "ديمًا" ساقطة من (ب).