للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بك، في وزن مالٍ ليعود، فأنشد صاحب التَّرجمة حينئذٍ قوله:

الدَّويدارُ قال لي ... أنا أقضي مآربَكْ

قم زِنِ المالَ قلت: ... لا حَفِظَ اللَّه جانِبَكْ

على [أنَّ شيخنا لم يكن يتوقَّف عَنِ البذلِ، بحيث أنَّه كان ما يكلِّفه في أيَّام الظاهر فقط ثلاثة عشر ألف دينار، الذي من خالص مالِه مِنْ ذلك ستة، وباقيه كان يدفعُه مِنْ فائض الأوقاف، ويشهدُ عليه بوصوله إليه، وأنَّه يصرفه في مصارفه، وكان يتأوَّل في ذلك كلِّه، بحيث] (١) أني قرأت بخطه -رحمه اللَّه- ما نصُّه: مَنْ يبذلُ في القضاء المالَ لأجل عزل زيدٍ، فينبغي أن يؤجَر، لا أن يُؤزر، والأعمال بالنيات.

قلت: وبهذا اعتذر شيخ الإسلام السِّراجُ البلقيني لحكمٍ عَنْ ولده قاضي القُضاة جلال الدين كما عُلم في محله.

ونازع القاضي نجمُ الدين ابن حجي شيخنا في هذه الولاية، إذ سعى عليه جهده، لكنه لم يتمَّ له أمرٌ، واستمرَّ صاحبُ الترجمة في وظيفته إلى أن صُرف بعد أربع سنين ودون ثمانية أشهر في يوم الخميس سادس عشري صفر سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وفي هذه الولاية زِيدَ في تقليده: "والبلاد الشامية"، حبث يقال: قاضي القضاة بالديار (٢) المصرية، واستمر ذلك له ولكلِّ من وَلِيَ من تاريخه.

ولما صُرف مِنْ هذه الولاية، واستقرَّ القاضي علم الدين بشرط أن لا يزيد على عشرة نواب، وصادف في ولايته وقوعُ الطَّاعون المشهور، فلله الأمر.

ثم أُعيدَ صاحبُ الترجمة في سادس عشري جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين، وفوَّضَ شيخُنا في هذه الولاية تبعًا لمرسوم السلطان للقاضي علم الدين نظرَ جامع طولون والناصرية، فلما كان بعد استكمالِ ستِّ سنين وأزْيَدَ


(١) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).
(٢) في (ب، ط): "بالبلاد".