للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ أربعة أشهر في يوم الخميس خامس شوال سنة أربعين صُرف شيخُنا، واستقرَّ القاضي عَلَمُ الدين.

[وصار الزَّيني عبد الباسط يبلغ صاحبَ الترجمة في مدة بطالته يلفت السُّلطان إلى السلام عليه ومحادثته، ويقول له: إنَّ البلقيني (١) يطلع إلينا في أيام البطالة، فلم يقطع عنا قبوله وإقباله، فلم يسعه إلا الامتثال على طريق الاعتدال، فلمَّا اجتمعا، أخذ السُّلطانُ في التشوّق إليه بعد مزيد الإقبال عليه، فأنشده صاحبُ الترجمة لغيره:

محبُّكم اختار عنكم بعادَه ... وما كان منكم مُؤثِرًا بنصيبهِ

ولكن رضيتم بُعده عَنْ جنابكم ... فآثر ما تَرْضَوْنَه ورضِي بهِ

فأطرق السُّلطان رأسه وخجل، فبادر عند ذلك شيخُنا، فقرأ الفاتحة، ودعا وانصرف. فلمَّا ولَّى، أرسل السُّلطان للزيني يُعلمه بأمر صاحب الترجمة بالطُّلوع في غدٍ ليعيده إلى وظيفته، فامتثل أمر السلطان] (٢).

وأعيد شيخُنا في سادس شوال سنة إحدى وأربعين.

فلما كان التاسع من شهر ربيع الآخر (٣) مِنَ السنة التي تليها عند قراءة تقليد الظاهر جُقمق بالقصر، جرى كلامٌ يتعلَّق بالقُضاة، فقال شيخنا: عزلتُ نفسي، فقال له السُّلطان: أعدتُكَ، فقبل وخَلَعَ عليه وعلى رفقته.

ورسم حينئذٍ بإعادة الأوقاف التي كانت خرجت قبل، وهي وقف قراقوش في ولاية العراقي، ووقف بيبغا التُّركماني في ولاية ابن البلقيني، ووقف الأسدي في ولايته، ووقف الطَّيبرسيَّة المجاورة للجامع الأزهر، فأُعيد ذلك كله بتوقيعٍ جديدٍ، ووقع الإشهادُ على السُّلطان بذلك في أول جماد الثاني حين التَّهنئة بالشهر بحضور القُضاة، وأكد عليه في أن لا يقبل


(١) في (ط): "ابن البلقيني".
(٢) من قوله: "وصار الزيني عبد الباسط" إلى هنا لم يرد في (ب) وورد في هامش (ح).
(٣) في (ب): "جمادى الأولى".