للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسالة متجوِّه، ولا يؤجِّرَ وقفًا لذي جاهٍ، لسؤاله لهم في التَّأكيد عليه بذلك، لينتفع به في الوصول إلى غرض الحق، فما أحسنَ ذلك لو تمَّ.

فلمَّا كان المحرم من سنة أربع وأربعين، عين السُّلطان للقضاء الشيخ شمس الدين الونائي (١)، بعد أن أرسل لشيخنا أن لا يخطُبَ به يوم الجمعة، فخطب به أوَّل صفر القاضي برهان الدين بن المَيْلَق، لكنه ما تمَّ للونائي أمرٌ، وأُعيدَ صاحبُ الترجمة إلى وظيفته بسفارة تلميذه النَّاصري محمد ابن السلطان جُقمق في يوم الإثنين سادس عشر الشهر المذكور، وكان يومًا مشهودًا.

ووقعت قضيةٌ، وأظنها في هذه الولاية، وهي أنَّ السُّلطان قرَّر بعض الأمراء في شيءِ مِنَ الأنظار التي كان استرجعها صاحبُ الترجمة، وجاءه الرسول عَنِ السُّلطان بأنَّه إن لم يُجِبْ لذلك [وإلَّا. . . وسكت الرسولُ، فبادر بعزل نفسه] (٢)، وقال: عثر الحمار كان بشهوة المكاري، ثم صرف في يوم الاثنين خامس عشر ذي القعدة سنة ست وأربعين، وروسِلَ بالاجتماع بالسُّلطان، فاجتمع به (٣) بعد يومين يوم الخميس، فبيَّن له عذرَه فيما كان نُسِبَ إليه، فعذَرَه وأعاده إلى الوظيفة بعد أن كان الشيخ قد صمَّم على عدم القَبُول مِنْ أول يوم، لكن أشار عليه المالكيُّ -وهو من تلامذته- بخلاف ذلك، حفظًا -زعم- لمالِه وولدِه وعِرضِه، فقَبِل حينئذٍ.

فلما كان في يوم الإثنين رابع ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين، لبس خُلعَةَ الرِّضا، لكون السُّلطان كان قد عزله في اليوم الماضي، فلما كان في ليلة الجمعة الثامن مِنَ المحرم سنة تسع وأربعين، سقطت المنارةُ التي للفخريَّة القديمة في سويقة الصَّاحب، وهي مدرسةٌ قديمة جدًا مِنْ إنشاء الفخر عثمان بعد السِّتمائة.


(١) في (أ): "النواوي"، تحريف. وهو شمس الدين محمد بن محمد بن عثمان الونائي، المتوفى سنة ٨٩٠ هـ. انظر الضوء اللامع ٩/ ١٣٩ - ١٤٠.
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (ب).
(٣) "به" ساقطة من (أ).