للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: لها ذكرٌ عند المنذري في "التكملة" (١) له في سنة سبع وثلاثين وستمائة، حيث أرَّخ وفاة الفقيه إسماعيل بن إبراهيم بن غازي بن علي النُّميري الحنفي، عُرف بابن فلوس، فإنَّه قال في ترجمته أيضًا ما نصه: ودَرَّس بمدرسة الأمير فخر الدين عثمان بالقاهرة مدَّةَ. انتهى. فهي هذه.

وقد بناها بعد هذه الكائنة نظامُ المملكة الجمالي ناظرُ الخواصِّ يوسف ابن كاتب جكم، تقبَّل اللَّه منه.

وكانت المئذنةُ مالت قليلًا، فحُذِّرَ السكانُ بالرّبعِ المجاور لها، وهو مِنْ جملة أوقافها، فتهاونوا في ذلك، إلى أن سقطت بالعرض على واجهة المدرسة ووجه الربع، فنزلا بعضٌ على بعضٍ، وهلك تحت الرَّدمِ جماعةٌ، فاجتمع الوالي والحاجبُ، واستخرجوا كثيرًا مِنَ الأموات والأحياء، كل منهم مصاب بيد أو رِجل أو ظهر، فبلغ ذلك السلطان، فتغيَّظ منه، وطلب النَّاظرَ على المدرسة، وهو نور الدين القليوبي أمين الحكم، وأحد النواب، فتغيَّظ عليه، وظنَّ أنه ينوبُ في ذلك عَنْ صاحب الترجمة إلى أن انكشف الغطاء بأنه ليس له في ذلك ولايةٌ ولا نيابةٌ ولَا عُرف بشيءٍ مِنْ ذلك منذ وَلِيَ وإلى تاريخه، لكن انتهز الأعداءُ الفرصةَ، وأوصلوا إلى السُّلطان أنَّ صاحب الترجمة يتبجَّح بأنه كان أصلًا عظيمًا في استقراره (٢) في السَّلطنة، وأنَّه ينسُب السلطان إلى الظلم ونحو ذلك، بل ألقَوْا في أذنه أنَّه التمس مِنْ رفيقه القاضي الحنفي أن ينفِّذ ما يصدرُ منه [من الحكم] (٣) بخلعه، وكان ذلك ممَّا أسرَّه شيخنا لقاضي القُضاة سعد الدين بن الديري وثُوقًا به، كما أخبرني به ابن الدَّيري المذكور بعدُ، فنمَّ عليه بصفاءِ خاطره، لا قصدًا للأذيَّة، فازداد غضبُه، وراسله (٤) بالعزل في يوم الإثنين حادي عشر الشهر


(١) ٣/ ٥٢٥.
(٢) في (أ): "استمراره".
(٣) ما بين حاصرتين ساقط من (أ).
(٤) في (أ): "وأرسل".