للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذكور [بعد استكمال سبع سنين وأزيد من ثلاثة أشهر] (١)، وأن يغرَّمَ دِيَةَ الموتى، وأخذ في مقاهرته حتَّى أخرَجَ عنه نظرَ البيبرسية ومشيختها، ولولا بركةُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكان الأمر أشدَّ مِنْ ذلك.

ومن تكن برسول اللَّه نصرتُه ... إنْ تَلْقَهُ الأسْدُ في آجامها تجمِ

ولهذا راسله شيخنا مع العلاء بن أقبرس يقولُ له: القاضي جلال الدين البلقيني قتيل طَطَر، والقاضي وليُّ الدين بن العراقي قتيلُ الأشرف برسباي، وأنا قتيلُك، وأرجو أن اللَّه تعالى يقتصُّ للمظلوم مِنَ الظَّالم، أو معنى هذا، ولكن قيل: إنَّ العلاء استشار الخليفة (٢) في تبليغ هذه الرسالة، فمنعه مِنْ ذلك خشيةً على صاحب التَّرجمة، فاللَّه أعلم.

ولما كان يوم الخميس رابع عشرة، طُلب الشيخ شمس الدين القاياتي إلى القلعة، لتقليد القضاء بعدَ أن كان القاضي كمال الدين بن البارزي حسَّن له الولاية، وأظهر هو له كراهتها وعدم الرَّغبة فيها، ثم اجتمع بالعلَّامة مفخر الوقت الأمين الأقصرائي، واْظهر له ذلك أيضًا، فوافقه على هذا، وأنه هو الخيرُ في الدُّنيا والآخرة. قال: ويتم لك ذلك إن شاء اللَّه بعدم الموافقة على الاجتماع بالسلطان، والتَّصميم على عدم القبول، وتفارقا على ذلك، فما تمَّ هذا الأمر.

وصعد في اليوم المذكور صحبة الكمال، فاجتمع بالسلطان، وأمره بذلك، فأجاب باشتراط أمورِ أجابه إليها، والتمس منه أن يلبسَ الخُلعة والتَّشريفَ على العادة، فامتنع وتقلَّد ورجع وهو راكب بغلة لكاتب السِّر ابن البارزي بثيابه البيضِ وطيلسانه، فدخل الصَّالحيةَ وصُحبته جماعة المباشرين والدوادار الكبير والثاني على العادة، [ولم يسمع الدعوى التي جرت العادة] (٣) بها، ثم توجَّه إلى منزله، فاستدعى بمباشري المودع والأوقاف، وهرع النَّاسُ


(١) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).
(٢) في (أ): "الحنفية"، وهو تحريف.
(٣) ما بين حاصرتين ساقط من (أ).