للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للسلام عليه وعلى صاحب التَّرجمة، بل سلَّم كلُّ واحدٍ منهما على الآخر بمنزله، وأنشد شيخنا إذ ذاك ما رآه فيما يغلبُ على ظنِّي في "مرآة الزمان" لسبط بن الجوزي، حيث قال: عُزِلَ أبو عمر بن عبد الواحد عن قضاء البصرة، وقُلِّدَ أبو الحسن بن أبي الشَّوارب، يعني محمد بن الحسن بن عبد اللَّه، المتوفى سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، فقال العصفريُّ الشاعر:

عندي حديث ظريف ... بمثله يُتغنى

مِنْ قاضيين يُعزَّى ... هذا وهذا يُهَنَّا

فذا يقول: اكرَهُونا ... وذا يقول: استرحنا

ويكذبان ونهذي ... بِمَنْ يصدّقُ منّا

وكان كافَّةُ الناس -إلَّا مَنْ شذَّ- توهَّم أنَّهما من إنشائه، مع أنَّهما في كتاب متداول بأيدي جَمْعٍ مِنَ الفُضلاء، وهو "معيد النعم ومبيد النقم" (١) للتاج السبكي، لكن شطر ثانيهما (٢) عنده:

ويكذباني جميعًا ... ومَنْ يصدّق منّا

وبلغ ذلك القاياتي، فتأثَّر وضمَّ ذلك لما كان عنده قبل، حيث وقع بينه وبينَ العلَّامة العلاء القلقشندي، وهما بمجلس شيخهما صاحب الترجمة، مباحثة سطا فيها العلاءُ عليه، فلم ينتصر شيخهما، بل سكت بناءً على أنه لا يُنسب لساكت قول.

[وصار (٣) القاياتي يقول عَقِبَ ذلك: قد كنتُ أردت القيامَ حين ابتداء العلاء، فمنعني الشيخُ مِنْ ذلك، فكأنه كان يحبُّ ما وقع، ومعاذَ اللَّه أن


(١) ص ٧٣.
(٢) قال السفيري في "المختصر" معقبًا على ذكر السخاوي لهذه الأبيات بلفظ التثنية. وكأن الشيخ شمس الدين السخاوي لم يقرأ في فن العروض ورأى هذه الأبيات مكتوبة في شطرين، فتوهم أنها بيتان.
(٣) من هنا إلى قوله: "رحمهم اللَّه أجمعين" لم يرد في (ب).