للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحقُّقهم أنَّه لا وجود لها، وأن لا حقيقةَ لذلك الإقرار، ثمَّ إذا نودي عليها بأن يُزادَ سعرُها، يصير مَنْ كُتِبَ له يطالب بذلك الوزن، فأجحف ذلك بالنَّاس، فحُسِمت هذه المادَّة على يد صاحب الترجمة، وتمادى الاختلاف بسبب ما كان كتب أوّلًا، ولم يزل في اضمحلالٍ بحمد اللَّه وعونه.

[واختلف مع جماعة المفتين مِنْ أهل عصره في فَهْم كلام واقفٍ، فكان هو وجماعة في جانب، وخالفهم آخرون, فامتنع مِنْ بَثِّ الحكم بما فهمه، [وصرّح لطالب الحكم] (١) منه بقوله: يا أخي، لم أوافق على فهمي، بل نوزِعْتُ فيه، وأشار بالصُّلح.

ولذا كان تلميذُه الجلال المحلِّي -وهو المنفرد مِنَ الشَّافعية بمخالفته- يقول: إنه مُنْصِفٌ، فأين هذا مِنْ قاضٍ يُحاقِقُ ويخانِقُ ويزاحم ويضايق، ويتعرَّض لمخالفيه بالتَّنقيص والتَّقبيح، والإهانة والتجريح؟ ولكن حب الدنيا رأس كل خطيئة. نسأل اللَّه العافية من كلّ بليَّة] (٢).

ومن وُفورِ صلابته قبل استقراره في القضاء الأكبر: ما حكاه لي الشريف نقيبُ شيخنا شيخ الإسلام سعد الدين بن الدَّيري، أنَّه امتنع مِنْ قَبول شهادة ابن النُّسخة (٣) في القِيمةِ أيام عِزِّه وضخامته، إذ كان جمال الدين الاستادار حيًا، وراودوه على ذلك، وتوسَّلُوا إليه، فامتنع وقال: أقبل عاميين من المهندسين دونه. رحمه اللَّه وإيانا.

[وكذا كان يقول فيما يقع التَّصادُقُ عليه غالبًا: هو بتسميته بالتكاذب أصدق] (٤).

واتَّفق في بعض ولاياته تجديد الحوانيت التي فيها السُّيوفيون والصيارف بظاهر الصَّاغة وعلوها، وكان قد أخذ فيها الخرابُ، فاستُبدل


(١) هذه العبارة ساقطة من (ط).
(٢) من قوله: "واختلف مع جماعة المفتين" إلى هنا لم يرد في (ب)، وورد في (ط) بخط مغاير عن المتن، وورد في هامش (ح) بخط المصنف.
(٣) هو شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد، المتوفى سنة ٨٤٩ هـ. انظر الضوء اللامع ٢/ ٩٣ - ٩٤.
(٤) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).