للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسلام، وجعل حديثه النبويَّ عُمدة الأحكام، وشريعته الطَّاهرة قائمةً إلى يوم القيام. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث إمامًا لأهل الأرض، ونعمة شاملة لأمَّته، فبيَّن لهم السنَّة والفرض، وتطوَّل عليهم بالنعمة الكاملة في الدنيا، والنعمة الشاملة يوم العرض. صلى اللَّه وسلم عليه, وحيَّا بلدًا [حلَّ بها وبلدًا] (١) منها جاء، وعلى إخوانه المرسلين الذين جعل لكلٍّ منهم شرعة ومنهاجًا، وعلى آل محمد وصحبه الذين كان كلُّ منهم لشمس الهداية سراجًا.

أما بعد، فقد عرض عليَّ بمحضرٍ مِنَ المقام الشريف السلطاني الملكي الأشرفي، ذي الطود (٢) الباذخ، العزِّ الشامخ، والعدل الذي ملأ الأقطار، والجُودِ الذي ساجل الأمطار، فكلٌّ منها رأسٌ راسخ، وبمسمع مِنَ السَّادة القُضاة، والأئمة المشايخ، نصر اللَّه تعالى سلطانهم على أعدائه، وأبقى مُهَجَ أخصائه وأودَّائه، وحفظه في نفسه وماله وأولاده، وختم له بالحسنى في معاده، وجمَّل الوُجودَ بوجود هؤلاء الموالي، وأيَّدهم بعزه على التوالي الجناب العالي الجلالى جلال الدين أبو المحامد محمد ابن المقرِّ الكريم العالي البدري أبي المعالي محمد، صاحب دواوين الإنشاء الشريف بالممالك الإسلامية، ذو الأصل الثابت فرعه في سماء المجد مقمر، والعز الثابت،

(فكل مكان ينبتُ العزَّ طيِّب)

ولأجل السجعة أقول نيَّر: والبيوت المشرقة بأنواره، والقطوف الدانية بثماره، وكيف لا، وأصله في الحالين مُزهر، بلَّغَه اللَّه مَرامَه، وأدام عليه إنعامه، وأنبت فيهم هذا نباتًا حسنًا، وبلَّغه مِنْ فهم العلم غاية المُنى، وعامله فيه بلطفه مِنْ فضله، وزان الوجود بوجود مثله، وعزَّ وجودُ مثلُه -مواضع مفرقة من طرفَيْ كل كتابَيِ "العمدة" و"المنهاج" ومِنْ أثناء كلٍّ منهما، عرضًا أبان فيه في الحفظ عن يدٍ طولى، وسردًا كلَّما امتحن من صفحة، تلا عليه


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (ط).
(٢) في (ط): "الطول".