للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما بعد، فقد سمعتُ بقراءة مَنْ سَيُنَوَّة باسمه الزكي، ويُصَرَّحُ بلقبه البهي، جميع "المنهاج في الفقه"، لشيخ الإسلام وبركة الأنام محيي الدين النووي، حفظًا عن ظهر قلبه, وعرضًا أفصحَ عن صدق لُبِّه، أبان فيه في الحفظ عن يدٍ طولى، حتى كأن كلَّ مسألة يسرُدها تناديه التي بعدها: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} ثم أضاف إلى ذلك إيراد "الخلاصة" للإمام جمال الدين بن مالك، فسردها مِنْ صدره كذلك، فشهد العيان أنَّه فاق الأقران، وناداه لسانُ الفلاح [أن لا براح] (١) عن ملازمة الصلاح.

وهو الشابُّ اللبيب الأريب نجل عيون الأعيان، ونسلُ الخُلَّص من جنس الإنسان، الجناب العالي القضائي الصلاحي، صلاح الدين محمد ولد المقرِّ العالي العالمي الفاضلي الأوحدي الزَّيني عبد الرحمن ابن المقر الأشرف العالي الأوحدي البارعي، علم الدين داود صاحب دواوين الإنشاء، الشريف جده (٢) لأبيه وجده لأمه، فاستحق أن يُدعى معلم الطَّرفين، والمعرف في الرئاسة مِنَ الجهتين. هذا إلى ما حصل لسلفه مِنَ القيام بأمر الممالك الإسلامية مِنْ أنواع الإمارة وأصنات الإشارة والوزارة، وقد منح اللَّه هذا النَّجلَ السَّعيدَ الانخراط في سلك الفقهاء والعلماء، ليجمع له الأشياء المختارة. ثم ذكر سنده بالكتابين.

قال: وقد سمع "الألفية" القدماء مِنْ شيوخنا ومَنْ قبلهم على العلَّامة شيخ النحو أثير الدين أبي حيان محمد بن يوسف الغرناطي، نزيل القاهرة، بسماعه لها على الشهاب محمود، أحد من رواها (٣) لنا عنهم التنوخي، عن ناظمها، فمنهم ممَّن لم ندركه قاضي القضاة البهاء محمد بن عبد البر السُّبكي، الشهير بأبي البقاء، ومنهم قاضي القضاة بهاء الدين محمد بن عقيل، ومنهم ممَّن أدركناه: شيخ النُّحاة شمس الدين محمد بن محمد


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (أ).
(٢) في هامش (ط): أما جده لأبيه, فصلاح الدين ابن الصاحب بدر الدين ابن نصر اللَّه، إلى كل منهما كتابة السر.
(٣) في (ط): روى.