للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعاذلي مُذْ رأى ضُلوعي ... تُعَدُّ سُقمًا بكى وعدَّدْ

فطال تعجّبي من تجاذبنا الثَّلاثة أهدابَ هذا المعنى، ولعلّ أحدنا لم يطلع على نظم الآخر قبل ذلك، وتوارد الخاطر في المعاني يصح، ولا يكاد يصحُّ في الألفاظ إلَّا في النادر.

[قلت: وللمجد أيضًا من أبيات قوله:

ويسرّ ناظرنا بعدِّ صفاته ... واعَجْبُ لمسرُورِ الفؤاد يُعدِّدُ

واللَّه الموفق] (١):

وتذاكر صاحبُ الترجمة هو والمجدُ فضل اللَّه بن مكانس الموشحات والخرجات الزَّجليَّة، وما اخترعه (٢) القاضي السعيد مِنْ جَعْلِ الخرجة بالفارسية، ولكن أغربَ بها، وأذهبَ رونقها، فقال صاحبُ الترجمة للمجد: إنِّي أريدُ أن أنظِمَ موشَّحًا أجعلُ خرجته تركيَّة، ولكنها مفهومةٌ معلومة، فاستجادَ ذلك، وقال له: ظهرتْ لي خرجةٌ وفيها تورية، فتفكّر صاحبُ الترجمة أيضًا، وظفر بأخرى بتورية، وتفارقا على النَّظْم، فنظم المجدُ:

هم حملوا وساروا ... بل اعتذروا وجاروا فاشتكيهم لمنْ

سارُوا بمن سيأتي عني بِزَعْمه

وصدَّني زماني عَنْ رَشْفِ ظَلْمِهِ

والبحرُ (٣) قَدْ رَمَاني عمدًا بظُلْمِهِ

فمدمعي بحارٌ وليس لي قرارٌ ... والوَجْدُ عندي سكنْ

ما كان رأي حبي أفديه ذا النَّوى

ولا عذاب قلبي بالبَيْنِ والجوى


(١) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب) وزاده المصنف بخطه في هامش (ح).
(٢) فى (ط): "اقترحه".
(٣) في (ح): "والهجر".