جنابُك محروسٌ وجدُّكَ صاعدٌ ... وقولُك مقبولٌ لدى النَّهْي والأمرِ
وطلعتُك الغرَّاء شمسٌ مُنيرةُ ... وهِمَّتُك العَلياءُ في الأنْجُمِ الزُّهرِ
جمعت العُلا والجُودَ بعد تفرُّقٍ ... وفرَّقْتَ شَمْلَ المالِ يا طيِّبَ الذِّكرِ
وذكْرُكَ في شرْقِ البلادِ وغربها ... كمِسْكٍ ذكيِّ نشرُه طيِّبُ النَّشْرِ
وإنَّ زمانًا أنتَ فيه رئيسُه ... لأيَّامُه بالخيرِ باسِمَةُ الثَّغرِ
أطالبَ حلَّ المشكلات فلُذْ بِمَنْ ... بديهتُه تُبدي الصَّوابَ بلا فِكرِ
له نُورُ علم كاشفٌ كلَّ غَيْهَبِ ... فلا زالت الطُّلاب في نوره تسري
وألفاظُه الدُّرّ الثَّمينُ نفاسةً ... ولا غروَ أنَّ الدُّرَّ مِنْ لُجَّة البحرِ
وفي علم تفسير الكتاب "مجاهدٌ" ... وفي الفقه والأصلين مجتهدُ العصرِ
ويروي أحاديثَ الرَّسولِ بِشَرْحها ... وكم ناقلٍ يروي الحديث وما يدري
وفي النَّحو أضحى سيبويه زمانه ... يزيدُ على زيدٍ ويعلو على عَمْرِو
بديعُ معانيه جلا ببيانِه ... بتلخيص أبحاثٍ أدقّ مِنَ الشَّعرِ
وفي الجدّ والبُرهان أبدى عجائبًا ... يحارُ ابنُ سينا عندها وأبو نصرِ
وأوضحَ في علمِ الحسابِ دقائقًا ... مقابلة يومًا لقد فاز بالجبرِ
له في عَرُوضِ الشِّعر أيدٍ تطاولت ... فخلَّا خليلًا عندها وأبا عمرِو
أقاضي قُضاة المسلمين وحبرَهُم ... وبَحرَهُمُ الطَّامي وغيثَهُمُ المُثري
يُوالِيكَ بالإخلاص نَجْلُ سلامةٍ ... ويدعو لك الرَّحمنَ في السِّرِّ والجهرِ
وهاك عروسَ النَّظمِ بِكرًا زفَفْتُها ... إلى بابك العالي ومنشؤها فِكْري
وما مهرُها إلَّا شُمُولُ عنايةٍ ... وحُسْنُ قَبُولٍ منك يا طيِّبَ الذِّكْرِ
فإنِّيَ مِنْ بيتٍ له الزُّهدُ والتُّقى ... شعارٌ وفخرٌ بالفضائل لا الشِّعْرِ
ودأبيَ تحصيلُ العلوم وجمعُها ... وتقريرُ أبحاث لها الحَبر يستقري
وكنت سألتُ اللَّهَ يجمعُ بينَنا ... فجادَ ولم أُزْجِ المطيَّ إلى مصرِ
فحقِّقْ رجائي إذا أتيتُ مدَرْوَزًا ... إلى بابك العالي يا طيِّبَّ الذِّكرِ