للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحافظ شمس الدين ابن (١) ناصر الدين في "شرح منظومته في الحفاظ": وهو -أي الحافظ في المتأخرين- المكثرُ من الحديث حفظًا ورواية. المتقن لأنواعه ومعرفة رواته درايةً، المدرك للعلل، السالم -في الغالب- من الخلل. قال: وأقلُّ محفوظ المحدثين عند المتقدمين، وساق قول أبي بكر بن أبي شيبة الماضي في المحدث.

وقرأت بخط صاحب الترجمة رحمه اللَّه ما نصه: للأئمة شروط، إذا اجتمعت في الرَّاوي سموه حافظًا، وهي: الشهرة بالطلب، والأخذ من أفواه الرجال لا من الصُّحُف، والمعرفة بطبقات الرواة ومراتبهم، والمعرفة بالتجريح والتعديل، وتمييز الصحيح من السقيم، حتى يكون ما يستحضره من ذلك أكثر مما لا يستحضره، مع استحضار لكثيرٍ من المتون، فهذه الشروط إذا اجتمعت في الراوي سمَّوْهُ حافظًا.

وقال في موضع آخر -وقد وقف على قول أبي الفضل السليماني في آخر كتابه "الحث على طلب الحديث": الحديث أصل، والفقه فرع، والعالمُ من يعرف الإسناد والمتن؛ مثل: مالك، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق. والفقيه: الذي يعرف المتن، ولا يعرف الإسناد، مثل: أبي حنيفة، ومحمد بن الحسن، والشافعي، والمُزني. والحافظ: الذي يعرف الإسناد ولا يعرف المتن؛ مثل: الأعمش، وشعبة، والقطان، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني- ما نصه: اصطلحوا بعد ذلك على أنَّ الحافظ: مَنْ يعرف العلل والجرح، وطرق الحديث (٢)، والمحدّث: من يعرف الأسانيد، ويفرق بين عاليها ونازلها.

ولشيخه حافظ الوقت أبي الفضل العراقي رحمهما اللَّه تعالى في ذلك كلامٌ حسنٌ كتب به يليه، وقد سأله عن الحد الذي إذا بلغه الطالب في هذا الزمان الآخر، استحق أن يُسمَّى حافظًا، وهل يتسامح بنقص بعض الأوصاف التي ذكرها الحافظان أبو الحجاج وأبو الفتح في ذلك لنقص


(١) "ابن" ساقطة من (ب).
(٢) في هامش (أ) ما نصه: بلغ مطالعة.