للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزمان أم لا؟ فأجابه بما نصه كما قرأته من خطه:

الاجتهاد في ذلك يختلف باختلاف غَلَبَةِ الظنِّ في وقتٍ ببلوغ بعضهم للحفظ وغلبته، يعني بنقصه في وقت آخر، وباختلاف مَنْ يكون كثير المخالطة الذي يصفه بذلك، أو قليل المخالطة، ومن ذلك اختلاف المتقدمين أيضًا في التوثيق والتجريح، حتى يقع في الشخص الواحد اختلاف في توثيق واحد أو جرحه، كالإمام أحمد، ويحيى بن معين، وابن حبان، فذكر جماعة في "الضعفاء" (١) وذكرهم في "الثقات". وقد يتساهل بعضهم في التوثيق، كالحاكم وابن حبّان، وقد يُشدّد إما باعتبار اشتراط أوصافٍ لم يشترطها بعضهم، وكلام الحافظ أبي الحجاج المزِّي في ذلك فيه ضيق، بحيث إنه لم يُسَمِّ ممن رآه (٢) بهذا الوصف إلا الدمياطي.

وأما كلام أبي الفتح اليعمري. فهو أسهل (٣): بأن ينتشط بعد معرفة شيوخه إلى شيوخ شيوخه، وما فوق، ولا شك أن جماعة من الحفاظ المتقدمين كانوا شيوخهم التابعين أو أتباع التابعين. وشيوخ شيوخهم الصحابة أو التابعين، فكان الأمر في ذلك الزمان أسهل باعتبار تأخر الزَّمان، فإن اكتفي بكون الحافظ يعرف شيوخه وشيوخ شيوخه، أو طبقةً أخرى، فهو سهل لمن جعل فنَّه ذلك دون غيره مِنْ حفظ المتون والأسانيد، ومعرفة أنواع علوم الحديث كلها، ومعرفة الصحيح مِنَ السقيم، والمعمول به من غيره، واختلاف العلماء، واستنباط الأحكام، فهو أمر ممكنٌ، بخلاف ما ذكر من جميع ما ذكر، فإنه يحتاج إلى فراغٍ، وطول عمر، وانتفاء الموانع.

قلت: ويقرُب مِنْ كلام أبي الفتح ابن سيد الناس في تسهيل الأمر في مَنْ يُطلَقُ عليه الحافظ: قول الحافظ الزكي المنذري: قلت للحافظ أبي الحسن المقدسي -هو ابن المفضّل-: أقول: حدثنا القاسم بن علي الحافظ، بالكسر نسبةً إلى والده؟ فقال: بالضَّمِّ؛ فإني اجتمعت به بالمدينة،


(١) "الضعفاء" ساقطة من (أ).
(٢) من قوله: "بحيث كانت له معرفة. . . " ص ٧٧ إلى هنا سقط من نسخة (ح).
(٣) "أسهل" ساقطة من (ب).