للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجوفان، معطوفٌ ومعطوفٌ عليه، إذا خفض (١) أحدهما، كان ما في ضمير المنصوب مجرور بالإضافة إليه ثَنَوِيُّ، وربَّما يقول بالتثليت، مذكَّرٌ ويُوصَفُ بالتَّأنيث، بِكْرٌ عوانٌ رقيقةُ الجسم، أخشى عليها أن تتصدع مِنْ النسيم وريحه، أحصنت فرجَها ونفخ الصانع المقدِّر فيها من روحه. حُبلى، والدها في أحشائها هو الولد، يتردَّدُ في بطنها ولا ينقضي لتردُّده أمد، فما استقرَّ نزولُه إلا ودنا تَرْحالُه، ومِنْ عجبٍ أنَّه في ساعة واحدة حملُه وفصاله. تمَّام يُفشي السِّرَّ الذي استودعه جنابه يضيقُ به صدرُه، فينطلق لسانه، والعجبُ أنَّه ليس بكافر، وقد أُصلِي النَّار، وعَقَدَ مِنْ بعدها في خصره الزِّنَّار، شدَّ لاستيفاءِ الأجل المحتومِ حيازيمه، لكن لنفسه دارانِ يسيرُ بينهما الهُوينَا بغير عزيمة. جامدٌ لم تزل نفسُه سائلة، وصورتُها في جسده رأي العَيْنِ ماثلة، بُرْجٌ ناريٌّ نَجْمُ الرَّجم به سيَّار، ذو جسدين يتقلَّب (٢) بالليل والنهار، وهو -يا رُحْلَة المحدِّثين- أبو قلابة صحيح الأخبار. وهو -يا زاكي الأصول- مقيَّدٌ، والمطلقُ فيه مُوثقُ الإسار، فاعجب له -يا فصيحَ المنطق- مِنْ موضوع محمول، وأطرِبْ به -يا شاعر العصر- مِنْ مقطوع موصول، وهو -يا خليلَ العَروض- مجمَعُ البحرين، مقتضبٌ وكاملٌ لم يزل مركَّبٌ مِنْ دائرتين، يخرُجْ مِنْ بينهما إذا حرّكت الرَّمل، فاعجب لهما مِنْ دائرتين موصولتين، يخرج منهما بالتَّقطيع المنسرح، والمديد والمتدارك والسريع، أوضحتُه وإن خفي عنك -وحاشاك- معناه. فاللَّه يعلم مِنْ كلٍّ منك ومني ومنه متقلَّبه ومثواه، والحمد للَّه.

فأجابه بما نقلته مِنْ خطِّه.

الحمد للَّه الذي يُخْرجُ الخَبْء في السَّماوات والأرض، والصَّلاةُ والسَّلام على المصطفى المتطوِّل على أولي التَّقصير بالشَّفاعة يوم العرض.

أما بعد، فقد وقفتُ على لغزٍ أقعدَ المعارض -ولو كان مِنْ أكبر صدرٍ


(١) في (أ): "حفظ".
(٢) في (ب، ط): "منقلب".