للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- عجزًا، وتذللت مترفعًا لحرِّ كلامه ليُسفِرَ عن وجهه، فما ازدادت قوَّةُ لفظِه إلا جلالةً، ولا جود (١) معناه إلَّا عزًّا، ورمتُ افتتاح مغلَقِه، وقد أعيى الأُساةَ علاجُه، وأمعنْتُ النَّظر الأعشى فيه، إلى أنْ صرتُ كأني أنظرُ إليه مِنْ وراء زُجاجة، فامتلأ الطَّرْفُ لذلك نورًا والقلب سرورًا، وثبت عند حاكم الأدب أمره، كان ذلك في الكتاب مسطورًا، فإذا به وصف خديم، لأهل الطاعة مديم، لمحبة السُّنَّة والجماعة كريم، ربّما آثر بجميعِ ما عندَه في ساعة، بل في ثُلث أو سُدس أو خُمس ساعة. مفرد الأصل، مثنَّى الشَّكل، مثلَّثٌ قبل الشَّدِّ، مربَّعٌ عند العدِّ، خُماسيٌّ الأحرف والآلات في العين واليد. نعم، هو خماسي وابن أربع عشرة، بل ابنُ مائة وثلاث عشرة، وقد يكون طولُه قَدْرَ أُنْمُلَة، والعجبُ أنَّ له تعلُّقًا بالأُسِّ، وبيتُه السِّحريُّ لا أُسَّ له، وإليه المنتهى في الحساب، وليس يعرف في الحساب مسألة.

وأعجبُ مِنْ ذلك أنَّه مِنْ أسباب التَّوحيد، وهو يدأبُ في خدمة كلِّ كوكب سيّار، ويلازم ارتقابَ أوقاتِ الصَّلوات لأجل العبادة، ثمَّ يرجع (٢) بغير طمأنينة ويسجُد بغير اختيار. عجميٌّ لا يُعرِبُ لسانُه عمَّا في الضَّمير إلا بتُرجمان. كثير الهذرِ لا توقف فيه مِنْ سرعة الجواب، ولو كان مع الهذيان. مُقيمٌ سائر لا يزال معروفًا بالدَّوران، سوَّاح يُنسب للدورة الكبرى والدَّورة الصغرى بشهادة الخبر والعيان، وترادفُه بالنِّسبة إلى أصله المركب السائر يأمل رفع قدم ووضعها بحسب الإمكان، وهو أصل في تحرير طرفة الزمان، وإذا حذفت أوّليه عاكسًا، وحوَّلت ثالثَهُ رابعًا، صار ظرف مكان. لا تزيد أحرُف جمعه على مفرَدِه، ولا يقفُ الحاسب عند شيءٍ معين عن عدده، وإن أسقطتَ فاءه ولامه مصحفًا، رأيت صفة مِنْ قام معولًا، وإن قلعت عينه وجدت فرعًا متفرعًا في الحطِّ، وأصلًا متاصلًا. واعكسه مصحفًا تلق به نسبَ الحافظ أبي سعد، وافتحِ العَيْنَ تجد بقيته شيءٌ إن ضُمَّ جُرَّ إلى السَّعد، وإذا أُفرِدَ كان اسمَ جِماع أشرف بيت، لكن بعد التَّرخيم،


(١) في (أ): "وجود".
(٢) في (ط): "يركع".