ابنَك إبراهيم قد مات، فقالت: الحمد للَّه. اللهم إنِّي قد هاجرتُ إليك وإلى نبيِّكَ، ليكون لي عندَ كلِّ مصيبةٍ، فلا تحمل عليَّ هذه المصيبة اليوم. قال: فأحياه اللَّه عندَ ذلك، وأكلَ وطَعِمَ بين يدي النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. انتهى.
وهذه تُشبه القصَّة الأولى، إلا أنَّه قال في الأولى: إنَّ الشَّابَ مِنَ الأنصار، وإبراهيم بنُ نُبَيْطٍ أشجعي، فالظَّاهرُ التَّعدُّدُ.
وأما قصة تخيير والدِ الميت، فرواها أبو نعيم في "الدلائل" مِنْ طريق مَيْسَرٍ الحلبي، عن عتبة بن ضُمَيْرَة، قال: سمعت والدي يقول: كان لرجل صِرْمَةٌ مِنْ غنم، وكان له ابنٌ يأتي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بقدحٍ مِنْ لبنٍ إذا حَلَبَ. ثم إنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- افتقده، فجاء أبوه، فأخبره أنَّ ابنه هلك، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتريدُ أن أدعَوَ اللَّه تعالى أن ينشُرَهَ لك، أو تصبر. فيُدَّخَرَ لك إلى يوم القيامة، فيأتِيَك فيأخُذَ بيدك، فينطلق بك إلى باب الجنَّةِ، فتدخُل مِنْ أيِّ أبوابها شئت"؟ فقال الرجل: ومَنْ لي بذلك يا رسول اللَّه؟ فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هو لك ولكلِّ مؤمنٍ".
وأما قصَّة المرأة التي دعتِ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى طعامٍ، فقدَّمَتْ بينَ يديه شاةً، فلما أراد أن يأكُلَ، قال:"إنَّ هذه لشاة أُخِذت بغيرِ حقٍّ"، فأصلها في "سنن أبي داود" وغيره.
وذكرها صاحب "شفاء الصدور" بلفظ: أنَّ امرأةً رأتِ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأرادت أن تُطعِمَه شيئًا، ولم يكن عندها شيءٌ، فذكرتْ عند جارتها عَنَاقًا، وكانت جارتُها غائبةً، فقالت: إنَّها لا تمنَعُني، فذَبَحَتْها، ثمَّ شوتها وقدَّمتها بين يدي النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال:"إن هذه العَناقَ لتُخبرني أنَّها أُخِذت بغيرِ حقٍّ"، فقالت المرأة: قد كان ذلك.
وأما قصة شاةِ جابرٍ رضي اللَّه عنه، فأخرجها أبو نعيم في "الدَّلائل" مِنْ طريق أبي البدَّاح بنِ سهل، عن أبيه سهل بن عبد الرحمن، عن أبيه عبد الرحمن بن كعب، عن أبيه كعب بن مالك الأنصاري، قال: أتى جابرُ بنُ عبد اللَّه رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فردَّ عليه السلام. قال جابر: فرأيتُ في وجه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تغيرًا (١)، وما أحسبه تغيَّر إلا مِنَ الجوع، فقلت