للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وان أسلم. قلت: فإنه دخل المدينة. قال: وإن دخل المدينة.

وأخرجه أبو يعلى بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح، كذا (١) قاله شيخنا الهيثمي في "الزوائد". والواقع أن السند الذي أشار إليه هو سند أبي داود بعينه، فإن أبا يعلى أخرجَ الحديثَ عن واصلٍ بن عبد الأعلى، به.

الأمر الرابع في إيضاح هذا الإشكال: وهو أنَّ ابن صيَّاد على ما تضمنته الأخبار الواردة فيه وُلِدَ بالمدينة، ونشأ بِهَا، وجرت له في زمنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمورٌ، منها في "الصحيحين" توجُّهُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المكان الذي هو فيه، ووجدانه إياه في قطيفة (٢) له فيها زمزمة، وأنَّ أُمَّه أعلمته بمجيء النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فثأر، فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو تركتُه بيَّن".

ومنها: التقاءُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- معه (٣)، وسؤاله إياه عما يرى أنَّه خبأ له الدُّخ، وغير ذلك مما تضمَّنَتهُ الأخبارُ الدَّالةُ على وجوده في عصر النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثمَّ بقاؤه بعدَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وغزوه مع المسلمين وحجه واعتماره وتزوُّجه بالمدينة، ووُلِدَ له بها. وفي ذلك قصَصٌ له مع أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه، ومع ابن عمر رضي اللَّه عنهما. وخرج ذلك كله في "صحيح مسلم" و"السنن"، وكان هو يتبرَّأ مِنْ ذلك إذا بلغه أنَّ النَّاس يرمُونَه باسم الدَّجَّال، ويستدِلُّ بأنَّه غيره بالأمور التي هو متَّصِفٌ بها إذ ذاك ممَّا يخالِفُ صِفَةَ الدَّجال، لكن ظهرت عليه مخايِلُ تنبىء على صِدْقِ فراستهم فيه؛ حتَّى إنه كان يرمِزَ أحيانًا، ويكاد يصرِّح بأنه هو، ولذلك كان جماعة مِنَ الصَّحابة رضي اللَّه عنهم يجزمُون بأنَّه هو كما في "الصحيحين" عن عمر وجابر رضي اللَّه عنهما.

وأخرج الإمام أحمد مِنْ حديث أبي ذر رضي اللَّه عنه، قال: لأن أحلِفَ عشرَ مرار أنَّ ابنَ صيَّاد هو الدَّجال أحبُّ إليَّ مِنْ أن أحلِفَ أنَّه ليس به. وسنده صحيح.


(١) في (ب): "كما قاله".
(٢) في (أ): "وظيفة".
(٣) ساقطة مِنْ (ب).