ولولا أنَّه رام انكسارًا ... لما طَلَبَ الإعانَةَ بالمُجَبِّر
ولولا تبشيع بعضِ الناس في إيرادِ ذلك، ما أثبتُّ شيئًا مِنْ هذا، واللَّه يغفر لنا أجمعين.
وكنت مرَّةً بين يديه بالمنكوتمرية، فجاء إبراهيمُ ابن الشيخ جمال الدين عبد اللَّه ابن الحافظ شهاب الدين أحمد العُرياني، وكان حينئذٍ متَّصفًا بما علمتَه غائبَ العقلِ، فوقف مِنْ وراء شُبَّاكها، وأخذ في السَّبِّ الفاحش والألفاظ القبيحة، فقال: نقومُ إلى أن يفرَغ أو يروح، ونهضَ فدخل مِنْ باب الخلوة، وردَّ بابها يسيرًا، فترك العرياني الشُّبَّاكَ وانصرفَ، فظنَّ صاحب الترجمة توجُّهَه بالكلِّيَّةِ، ففتح باب الخلوةِ ووقف، وإذا بالعرياني أقبل مِنْ باب المدرسة، وأخذ فيما كان فيه وأزيَدَ، فقال: ما بقيَ إلا الانصراف، وغلَّق البابَ وذهب، واستمرَّ المخذول فيما هو فيه ساعةً، ولم يمكِّن مع ذلك كله أحدًا مِنَ التَّعرُّضِ له، بل سمع أنَّه في تلك الليلة أمسكه بعضُهم -لا لهذا السبب- بأعوانِ الوالي، فأرسل إليه وأطلقه.
ولما مات شيخُنا ابن خضر، وكان بيده تدريسُ الحديث بالبيبرسية نيابةً عن صاحب الترجمة، توجه الشَّريفُ موسى السِّرسنابي للناظر، وسعى فيه لنفسه بناءً -فيما يظهر- على أن ابن خضر كان فيه استقلالًا، فلم يُجَب، ووصل علم ذلك لشيخنا، فلم يظهر له شيئًا مِنْ ذلك، ولا كان بمانع له عن إقرائه. نعم، قال بعد أن فرَغَ مِنْ قراءة درسه لبعض جماعته: هذا سعى في وظيفتي، ثم جاء يقرأ عليَّ!
واجتاز مرةً وهو في طائفة مِنْ جماعته بباب جامع العمري، وثَمَّ شخصٌ يقال له: علي بن خليفة، يُذكر بالجذب، فبدت منهُ كلماتٌ يابسةٌ، منها قوله: عمائم كالأبراج، وأكمام كالأخراج، والعلمُ عند اللَّه. فرام بعضُ جماعته منه تعزيره بالحبس ونحوه، فامتنع وقال: هذا مجذوب يسلم له حاله، وقدر أن صاحب الجامع عَلِمَ بذلك فتألَّم، وطرد الرَّجُلَ المشار إليه أو هجره بعد أن قال له: هذا شيخ السُّنَّةِ، أو كما قال.
وأحضروا له مرةً مراسلةً مِنْ بعضِ تلامذته إلى القاياتي قاضي الشَّافعية